فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَنذِرۡ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحۡشَرُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ لَيۡسَ لَهُم مِّن دُونِهِۦ وَلِيّٞ وَلَا شَفِيعٞ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (51)

قوله : { وَأَنذِرْ بِهِ الذين يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إلى رَبّهِمْ } الإنذار : الإعلام ، والضمير في به راجع إلى ما يوحى ؛ وقيل إلى الله ؛ وقيل إلى اليوم الآخر . وخص الذين يخافون أن يحشروا ، لأن الإنذار يؤثر فيهم لما حلّ بهم من الخوف ، بخلاف من لا يخاف الحشر من طوائف الكفر لجحوده به وإنكاره له ، فإنه لا يؤثر فيه ذلك . قيل ومعنى يخافون : يعلمون ويتيقنون أنهم محشورون ، فيشمل كل من آمن بالبعث من المسلمين ، وأهل الذمة ، وبعض المشركين . وقيل : معنى الخوف على حقيقته ، والمعنى : أنه ينذر به من يظهر عليه الخوف من الحشر عند أن يسمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكره ، وإن لم يكن مصدقاً به في الأصل ، لكنه يخاف أن يصح ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن من كان كذلك تكون الموعظة فيه أنجع والتذكير له أنفع . قوله : { لَيْسَ لَهُمْ مّن دُونِهِ وَلِىٌّ وَلاَ شَفِيعٌ } الجملة في محل نصب على الحال أي أنذر به هؤلاء الذين يخافون الحشر حال كونهم لا وليّ لهم يواليهم ولا نصير يناصرهم ، ولا شفيع يشفع لهم من دون الله ، وفيه ردّ على من زعم من الكفار المعترفين بالحشر أن آباءهم يشفعون لهم ، وهم أهل الكتاب ، أو أن أصنامهم تشفع لهم ، وهم المشركون .

/خ55