محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَقَدۡ مَكَّنَّـٰكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَۗ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ} (10)

ولما أمر تعالى أهل مكة باتباع ما أنزل إليهم ، ونهاهم عن اتباع غيره ، وبين لهم وخامة عاقبته بالإهلاك في الدنيا ، والعذاب في الآخرة- ذكرهم فنون نعمه ترغيبا في اتباع أمره ونهيه ، فقال سبحانه :

{ ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون ( 10 ) } .

{ ولقد مكناكم في الأرض } أي جعلنا لكم فيها مكانا وقرارا . أو ملكناكم فيها وأقدرناكم على التصرف فيها { وجعلنا لكم فيها معايش } جمع معيشة ، وهي ما يعاش به من المطاعم والمشارب وغيرها . أو ما يتوصل به إلى ذلك من المتاجر والمزارع والصنائع { قليلا ما تشكرون } الكلام فيه كالذي في قوله : { قليلا ما تذكرون } وقد مر قريبا . والتذليل مسوق لبيان سوء حال المخاطبين وتحذيرهم ، أي ما مننا عليكم بذلك إلا لتشكروا بمتابعة ما أنزلنا إليكم ، وترك متابعة من دوننا ، فتحصلوا معايش السعادات الأبدية .