فالعبادة يجب أن تكون لله وحده ، خالصة له ، وكذلك جميع الأعمال .
في الحديث الصحيح : جاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أتصدق بالشيء وأَصنع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس ، فقال الرسول الكريم : «والذي نفسُ محمدٍ بيده ، لا يقبل الله شيئا شُورك فيه ، ثم تلا قوله تعالى : { أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص } »
وبعد أن بين تعالى أن رأس العبادة الإخلاص ، أعقب ذلك بذّم طريق المشركين ، الذين اتخذوا من دون الله أولياء يعبدونهم ، ويقولون : ما نعبدهم إلا ليقرّبونا عند الله منزلة ويشفعوا لنا .
{ إِنَّ الله يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } : فيه من أمرِ الشِرك والتوحيد ، وهو لا يوفق للهداية من هو كثير الكذب والكفر .
قوله تعالى : { ألا لله الدين الخالص } قال قتادة : شهادة أن لا إله الله . وقيل : لا يستحق الدين الخالص إلا الله ، وقيل : الدين الخالص من الشرك هو لله . { والذين اتخذوا من دونه } أي : من دون الله { أولياء } يعني : الأصنام { ما نعبدهم } أي : قالوا : ما نعبدهم { إلا ليقربونا إلى الله زلفى } وكذلك قرأ ابن مسعود ، وابن عباس . قال قتادة : وذلك أنهم إذا قيل لهم : من ربكم ، ومن خلق السماوات والأرض ؟ قالوا : الله ، فيقال لهم : فما معنى عبادتكم الأوثان ؟ قالوا : ليقربونا إلى الله زلفى ، أي : قربى ، وهو اسم أقيم في مقام المصدر ، كأنه قال : إلا ليقربونا إلى الله تقريباً ، ويشفعوا لنا عند الله . { إن الله يحكم بينهم } يوم القيامة . { فيما هم فيه يختلفون } من أمر الدين . { إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار } لا يرشد لدينه من كذب ، فقال : إن الآلهة تشفع ، وكفى باتخاذ الآلهة دونه كذباً وكفرا .
" ألا لله الدين الخالص " أي الذي لا يشوبه شيء . وفي حديث الحسن عن أبي هريرة أن رجلا قال : يا رسول الله إني أتصدق بالشيء وأصنع الشيء أريد به وجه الله وثناء الناس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفس محمد بيده لا يقبل الله شيئا شورك فيه ) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا لله الدين الخالص " وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " و " النساء " و " الكهف " مستوفى .
الثانية- قال ابن العربي : هذه الآية دليل على وجوب النية في كل عمل ، وأعظمه الوضوء الذي هو شطر الإيمان ، خلافا لأبي حنيفة والوليد بن مسلم عن مالك اللذين يقولان أن الوضوء يكفي من غير نية ، وما كان ليكون من الإيمان شطرا ولا ليخرج الخطايا من بين الأظافر والشعر بغير نية .
قوله تعالى : " والذين اتخذوا من دونه أولياء " يعني الأصنام والخبر محذوف . أي قالوا : " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " قال قتادة : كانوا إذا قيل لهم من ربكم وخالقكم ؟ ومن خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء ؟ قالوا الله ، فيقال لهم ما معنى عبادتكم الأصنام ؟ قالوا ليقربونا إلى الله زلفى ، ويشفعوا لنا عنده . قال الكلبي : جواب هذا الكلام في الأحقاف " فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة " [ الأحقاف : 28 ] والزلفى القربة ، أي ليقربونا إليه تقريبا ، فوضع " زلفى " في موضع المصدر . وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس ومجاهد " والذين اتخذوا من دونه أولياء قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " وفي حرف أُبيّ ( والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدكم إلا لتقربونا إلى الله زلفى " ذكره النحاس . قال : والحكاية في هذا بينة . " إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون " أي بين أهل الأديان يوم القيامة فيجازي كلا بما يستحق . " إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار " أي من سبق له القضاء بالكفر لم يهتد ؛ أي للدين الذي ارتضاه وهو دين الإسلام ، كما قال الله تعالى : " ورضيت لكم الإسلام دينا " وفي هذا رد على القدرية وغيرهم على ما تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.