الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَلَا لِلَّهِ ٱلدِّينُ ٱلۡخَالِصُۚ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَحۡكُمُ بَيۡنَهُمۡ فِي مَا هُمۡ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي مَنۡ هُوَ كَٰذِبٞ كَفَّارٞ} (3)

قال قتادة : والدين الخالص لاَ إله إلاَّ اللَّهُ .

وقوله تعالى : { والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ } الآية ، أي : يقولون : { مَا نَعْبُدُهُمْ إلا ليُقَرِّبُونَا إلى اللَّه زلفى } ، وفي مصحف ابن مسعودٍ : ( قَالُوا مَا نَعْبُدُهُمْ ) وهي قراءة ابن عبَّاس وغيرِه ، وهذه المقالة شائعةٌ في العرب في الجاهلية يقولون في معبوداتِهم منَ الأصْنام وغيرها : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللَّه } ، قال مجاهد : وقد قال ذلك قومٌ من اليهودِ في عُزَيْرٍ ، وقومٌ من النصارى في عيسى .

و{ زلفى } بمعنى قُرْبَةٍ وتَوْصِلَةٍ ، كأنهم قَالُوا ليقرِّبونا إلى اللَّه تَقْرِيباً ، وكأنَّ هذه الطوائفَ كلَّها تَرَى نُفُوسَها أقلَّ من أن تَتَّصِلَ هي باللَّه ، فكانت ترى أن تَتَّصِلَ بمخلوقاتِه .

و{ زلفى } عند سيبَوَيْهِ ، مَصْدَرٌ في موضع الحال كأَنَّه تَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ مُتَزَلِّفِينَ والعاملُ فيه ( يُقَرِّبُونَا ) ، وقرأ الجَحْدَرِيُّ ( كذَّابٌ كَفَّارٌ ) بالمبالَغَةِ فيهما ، وهذه المبالغةُ إشارةٌ إلى التَوَغُّلِ في الكُفْرِ .