تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين مكية وآياتها ثمان ، نزلت بعد سورة البروج . وهي تبدأ بالقسَم بثمرتين مباركتين ، ومكانين مقدسين : جبل الطور ، ومكة المكرمة ، لما كرّمها الله تعالى بإنزال الوحي فيهما على الأنبياء . أقسم الله بذلك على أنه خلق الإنسان في أعدل صورة ، مكمّلا بالعقل والإرادة وغيرهما من صفات الكمال . وأنه إذا لم يشكر نِعَم الإله فسيردّ إلى أسفل دركات الجحيم . ثم أنحت السورة باللوم على المكذبين بعد ظهور أدلة قدرة الله أحكم الحاكمين .

التين : ثمر معروف . الزيتون : ثمر معروف .

أَقسَمَ الله بالتّينِ والزيتون لبَرَكَتِهما وعظيم منفعتهما ( فإن التينَ من الثمار المباركة ، وهو غذاء كامل . وكذلك الزيتون ، فإنه غذاء ودواء . وكان في الزمن الماضي يُستعمل للإنارة أيضاً فهو مثل البترول في هذه الأيام ، ولا يزال محتفظاً بمكانته . )

وقال بعض المفسرين : إن التِّين هو عصرُ الإنسان الأول ، والزيتون : عصرُ نوحٍ . . . وهو كلامٌ ليس عليه دليل .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

مقدمة السورة:

سورة التين

مكية وآياتها 8 نزلت بعد البروج .

{ والتين والزيتون } فيها قولان :

الأول : أنه التين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يعصر أقسم الله بهما لفضيلتها على سائر الثمار . روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل مع أصحابه تينا فقال : " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوه فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس " . وقال صلى الله عليه وسلم : " نعم السواك الزيتون فإنه من الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي " .

القول الثاني : أنهما موضعان ، ثم اختلف فيهما فقيل : هما جبلان بالشام :

أحدهما : بدمشق ينبت فيه التين .

والآخر : بإيلياء ينبت فيه الزيتون .

فكأنه قال ومنابت التين والزيتون .

وقيل : التين مسجد دمشق ، والزيتون مسجد بيت المقدس .

وقيل : التين مسجد نوح ، والزيتون مسجد إبراهيم .

والأظهر أنهما الموضعان من الشام وهما اللذان كان فيهما مولد عيسى ومسكنه ، وذلك أن الله ذكر بعد هذا الطور الذي كلم عليه موسى ، والبلد الذي بعث منه محمد صلى الله عليه وسلم ، فتكون الآية نظير ما في التوراة : أن الله تعالى جاء من طور سيناء وطلع من ساعد وهو موضع عيسى وظهر من جبال باران وهي مكة ، وأقسم الله بهذه المواضع التي ذكر في التوراة لشرفها بالأنبياء المذكورين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ} (1)

لما كان التين أحسن الفواكه تقويماً فيما ذكروا من فضيلته ، وهو مع كونه فاكهة شهية حلوة جداً - غذاء يقيم الصلب وقوت كالبر وسريع الهضم ، ودواء كثير النفع يولد دماً صالحاً وينفع الرئة والكلى ويلين الطبع ويحلل البلغم ويزل رمل المثانة ويفتح سدد الكبد والطحال ، فكان جامعاً لجميع منافع المتناولات من الغذاء والتفكه والتحلي والتداوي ، فهو كامل في مجموع ما هو فيه من لذة طعمه وكثرة نفعه ، وكونه كفاكهة الجنة بلا شائبة تعوق عن أكله من صنوان يتعب أو نوى يرمى ، مع أنه ينتفع به رطباً ويابساً ، وهو مع ذلك في سرعة فساده وسوء تغيره أسفلها رتبة وأردؤها مغبة ، فهو كالفطرة الأولى في مبدئه سهولة وحسناً وقبولاً لكل من الإصلاح والتغير ، كآخر الهرم عند نهايته في عظيم تغيره بحيث إنه لا ينتفع بشيء منه إذا تغير ، وغيره من الفواكه إذا فسد جانب منه بقي آخر فكان في هذا كالقسم للسافل من الإنسان أقسم الله تعالى به فقال : { والتين } بادئاً به لأن القسم المشار به إليه أكثر ، فالاهتمام به أكبر .

ولما كان الزيتون في عدم فساد يطرقه أو تغير يلحقه ، وفيه الدسومة والحرافة والمرارة ، وهو إدام ودواء مع تهيئه للنفع بكل حال في أكله بعد تزييته والتنوير بدهنه والادهان به لإزالة الشعث وتنعيم البشرة وتقوية العظم وشد العصب وغير ذلك من المنافع مع لدنه وما يتبع ذلك من فضائله الجمة كالمؤمن تلاه به فقال : { والزيتون * }