تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

العرش : المُلْك ، وسرير الملك . وهنا معناه مركز تدبير العالم ، ولا نعرف صفاته وكيف هو .

قِهِم : احفظهم ، من الفعل : وقَى يقي .

ثم بين الله تعالى أن حملة العرش من الملائكة ، ومَن حول العرش مِنهم { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } وهم من بين القوى المؤمنة في هذا الوجود ، يذكُرون المؤمنين عند ربهم ويستغفرون لهم ضارعين إلى الله تعالى بقولهم :

{ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ }

اغفر لهم ذنوبهم بعد أن تابوا واستقاموا على هداك ، وجنّبهم عذاب النار

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

{ 7 - 9 } { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }

يخبر تعالى عن كمال لطفه تعالى بعباده المؤمنين ، وما قيض لأسباب سعادتهم من الأسباب الخارجة عن قدرهم ، من استغفار الملائكة المقربين لهم ، ودعائهم لهم بما فيه صلاح دينهم وآخرتهم ، وفي ضمن ذلك الإخبار عن شرف حملة العرش ومن حوله ، وقربهم من ربهم ، وكثرة عبادتهم ونصحهم لعباد الله ، لعلمهم أن الله يحب ذلك منهم فقال : { الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ } أي : عرش الرحمن ، الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها وأوسعها وأحسنها ، وأقربها من الله تعالى ، الذي وسع الأرض والسماوات والكرسي ، وهؤلاء الملائكة ، قد وكلهم الله تعالى بحمل عرشه العظيم ، فلا شك أنهم من أكبر الملائكة وأعظمهم وأقواهم ، واختيار الله لهم لحمل عرشه ، وتقديمهم في الذكر ، وقربهم منه ، يدل على أنهم أفضل أجناس الملائكة عليهم السلام ، قال تعالى : { وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ }

{ وَمَنْ حَوْلَهُ } من الملائكة المقربين في المنزلة والفضيلة { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } هذا مدح لهم بكثرة عبادتهم للّه تعالى ، وخصوصًا التسبيح والتحميد ، وسائر العبادات تدخل في تسبيح الله وتحميده ، لأنها تنزيه له عن كون العبد يصرفها لغيره ، وحمد له تعالى ، بل الحمد هو العبادة للّه تعالى ، وأما قول العبد : " سبحان الله وبحمده " فهو داخل في ذلك وهو من جملة العبادات .

{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا } وهذا من جملة فوائد الإيمان وفضائله الكثيرة جدًا ، أن الملائكة الذين لا ذنوب عليهم يستغفرون لأهل الإيمان ، فالمؤمن بإيمانه تسبب لهذا الفضل العظيم .

ثم ولما كانت المغفرة لها لوازم لا تتم إلا بها -غير ما يتبادر إلى كثير من الأذهان ، أن سؤالها وطلبها غايته مجرد مغفرة الذنوب- ذكر تعالى صفة دعائهم لهم بالمغفرة ، بذكر ما لا تتم إلا به ، فقال : { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا } فعلمك قد أحاط بكل شيء ، لا يخفى عليك خافية ، ولا يعزب عن علمك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، ورحمتك وسعت كل شيء ، فالكون علويه وسفليه قد امتلأ برحمة الله تعالى ووسعتهم ، ووصل إلى ما وصل إليه خلقه .

{ فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا } من الشرك والمعاصي { وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ } باتباع رسلك ، بتوحيدك وطاعتك . { وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ } أي : قهم العذاب نفسه ، وقهم أسباب العذاب .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

ثم أخبر بفضل المؤمنين وأن الملائكة يستغفرون لهم فقال { الذين يحملون العرش ومن حوله } من الملائكة وقوله { ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما } أي وسعت رحمتك كل شيء وعلمت كل شيء

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

قوله تعالى : " الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به " ويروى : أن حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى ورؤوسهم قد خرقت العرش ، وهم خشوع لا يرفعون طرفهم ، وهم أشراف الملائكة وأفضلهم . ففي الحديث : ( أن الله تبارك وتعالى أمر جميع الملائكة أن يغدوا ويروحوا بالسلام على حملة العرش تفضيلا لهم على سائر الملائكة ) . ويقال : خلق الله العرش من جوهرة خضراء ، وبين القائمتين من قوامه خفقان الطير المسرع ثمانين ألف عام . وقيل : حول العرش سبعون ألف صف من الملائكة يطوفون به مهللين مكبرين ، ومن ورائهم سبعون ألف صف قيام ، قد وضعوا أيديهم على عواتقهم ، ورافعين أصواتهم بالتهليل والتكبير ، ومن ورائهم مائة ألف صف ، وقد وضعوا الإيمان على الشمائل ، ما منهم أحد إلا وهو يسبح بما لا يسبح به الآخر . وقرأ ابن عباس : " العرش " بضم العين ، ذكر جميعه الزمخشري رحمه الله . وقيل : اتصل هذا بذكر الكفار ؛ لأن المعنى والله أعلم - " الذين يحملون العرش ومن حوله " ينزهون الله عز وجل عما يقوله الكفار وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير ، وأنه جسم مجسم خلقه الله عز وجل ، وأمر ملائكة بحمله ، وتعبدهم بتعظيمه والطواف به ، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة . وروى ابن طهمان ، عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسير سبعمائة عام ) ذكره البيهقي وقد مضى في " البقرة " {[13358]} في آية الكرسي عظم العرش وأنه أعظم المخلوقات . وروى ثور بن يزيد ، عن خالد بن معدان ، عن كعب الأحبار أنه قال : لما خلق الله تعالى العرش قال : لن يخلق الله خلقا أعظم مني ، فاهتز فطوقه الله بحية ، للحية سبعون ألف جناح ، في الجناح سبعون ألف ريشة ، في كل ريشة سبعون ألف وجه ، في كل وجه سبعون ألف فم ، في كل فم سبعون ألف لسان . يخرج من أفواهها في كل يوم من التسبيح عدد قطر المطر ، وعدد ورق الشجر ، وعدد الحصى والثرى ، وعدد أيام الدنيا وعدد الملائكة أجمعين ، فالتوت الحية بالعرش ، فالعرش إلى نصف الحية وهي ملتوية به{[13359]} . وقال مجاهد : بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب ، حجاب نور وحجاب ظلمة ، وحجاب نور وحجاب ظلمة . " ربنا " أي يقولون " ربنا " " وسعت كل شيء رحمة وعلما " أي وسعت رحمتك وعلمك كل شيء ، فلما نقل الفعل عن الرحمة والعلم نصب على التفسير . " فاغفر للذين تابوا " أي من الشرك والمعاصي " واتبعوا سبيلك " أي دين الإسلام . " وقهم عذاب الجحيم " أي اصرفه عنهم حتى لا يصل إليهم . قال إبراهيم النخعي : كان أصحاب عبد الله يقولون الملائكة خير من ابن الكواء ، هم يستغفرون لمن في الأرض ، وابن الكواء يشهد عليهم بالكفر ، قال إبراهيم : وكانوا يقولون لا يحجبون الاستغفار عن أحد من أهل القبلة . وقال مطرف بن عبد الله : وجدنا أنصح عباد الله لعباد الله الملائكة ، ووجدنا أغش عباد الله لعباد الله الشيطان ، وتلا هذه الآية . وقال يحيى بن معاذ الرازي لأصحابه في هذه الآية : افهموها فما في العالم جنة أرجى منها ، إن ملكا واحدا لو سأل الله أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم ، كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين . وقال خلف بن هشام البزار القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت : " ويستغفرون للذين آمنوا " بكى ثم قال : يا خلف ما أكرم المؤمن على الله ، نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له .


[13358]:راجع ج 3 ص 276 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
[13359]:هذا الخبر وأشباهه من الإسرائيليات التي يحشرها أهل القصص وليس مما يصح.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ يَحۡمِلُونَ ٱلۡعَرۡشَ وَمَنۡ حَوۡلَهُۥ يُسَبِّحُونَ بِحَمۡدِ رَبِّهِمۡ وَيُؤۡمِنُونَ بِهِۦ وَيَسۡتَغۡفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْۖ رَبَّنَا وَسِعۡتَ كُلَّ شَيۡءٖ رَّحۡمَةٗ وَعِلۡمٗا فَٱغۡفِرۡ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمۡ عَذَابَ ٱلۡجَحِيمِ} (7)

{ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم }

{ الذين يحملون العرش } مبتدأ { ومن حوله } ملابسين للحمد ، أي يقولون : سبحان الله يصدقون عطف عليه { يسبحون } خبره { بحمد ربهم وبحمده ويؤمنون به } تعالى ببصائرهم أي بوحدانيته { ويستغفرون للذين آمنوا } يقولون { ربنا وسعت كل شيءٍ رحمة وعلماً } أي وسعت رحمتك كلَّ شيء وعلمك كل شيء { فاغفر للذين تابوا } من الشرك { واتبعوا سبيلك } دين الإسلام { وقهم عذاب الجحيم } النار .