الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (23)

قوله تعالى : " ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه " أي فلا تكن يا محمد في شك من لقاء موسى . قاله ابن عباس . وقد لقيه ليلة الإسراء . قتادة : المعنى فلا تكن في شك من أنك لقيته ليلة الإسراء . والمعنى واحد . وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة ، وستلقاه فيها . وقيل : فلا تكن في شك من لقاء موسى الكتاب بالقبول . قال مجاهد والزجاج . وعن الحسن أنه قال في معناه : " ولقد آتينا موسى الكتاب " فأوذي وكذب ، فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى ، فالهاء عائدة على محذوف ، والمعنى من لقاء ما لاقى . النحاس : وهذا قول غريب ، إلا أنه من رواية عمرو بن عبيد . وقيل في الكلام تقديم وتأخير . والمعنى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم فلا تكن في مرية من لقائه ، فجاء معترضا بين " ولقد آتينا موسى الكتاب " وبين " وجعلناه هدى لبني إسرائيل " . والضمير في " وجعلناه " فيه وجهان : أحدهما : جعلنا موسى ، قاله قتادة . الثاني : جعلنا الكتاب . قاله الحسن .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَلَا تَكُن فِي مِرۡيَةٖ مِّن لِّقَآئِهِۦۖ وَجَعَلۡنَٰهُ هُدٗى لِّبَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ} (23)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ( 23 ) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ( 24 ) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

أخبر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أنه أتى نبيه وكليمه موسى عليه السلام { الْكِتَابَ } وهو التوراة ، ليكون ذلك هداية لبني إسرائيل . ثم قال سبحانه مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم : { فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ } نهاه عن الشك في لقاء موسى التوراة ، أو من لقائك موسى ليلة المعراج ؛ فقد روي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا آدم طوالا جعدا كأنه من رجال شنوءة ، ورأيت عيسى رجلا مربوع الخلْق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس ، ورأيت مالكا خازن النار والدجال " وهي آيات من آيات الله أراهن الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : المراد لقاؤه يوم القيامة .

قوله : { وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ } الهاء في { وَجَعَلْنَاهُ } راجع إلى { الكتاب } وهي التوراة ، فقد أنزلها الله على كليمه موسى هداية لقومه بني إسرائيل . وذلك بما تضمنته من آيات وبصائر لاستنقاذهم من الضلال والتخبط إلى نور الهداية والاستقامة .