قوله : { تَكَادُ } . قرأ نافع والكسائي بالياء من تحت . والباقون بالتاء من فوق{[22664]} وهما واضحتان ، إذ التأنيث مجازي{[22665]} . وكذا{[22666]} في سورة الشورى{[22667]} .
وقرأ أبو عمرو : وابن عامر ، وأبو بكر{[22668]} عن عاصم ، وحمزة " يَنْفَطْرن " مضارع انفطرَ ، لقوله{[22669]} تعالى : { إِذَا السمآء انفطرت }{[22670]} والباقون : " يتفَطّرْن " " مضارع تفطَّر{[22671]} " بالتشديد في هذه السورة{[22672]} ، وأما التي في الشورى فقرأها حمزة وابن عامر بالياء والتاء{[22673]} وتشديد الطاء . والباقون على أصولهم في هذه السورة{[22674]} . فتلخص من ذلك أن أبا بكر وأبا عمرو{[22675]} يقرآن بالياء والنون في السورتين . وأن نافعاً وابن كثير والكسائي وحفصاً{[22676]} عن عاصم يقرءون بالياء والتاء وتشديد الطاء فيهما ، وأن حمزة وابن عامر في هذه السورة بالياء والنون ، وفي الشورى بالياء وتشديد الطاء " {[22677]} فالانفطار{[22678]} من فطرهُ إذا شقه ، " والتفطُّر إذا شقَّقهُ " {[22679]} ، وكرر فيه الفعل{[22680]} .
قال أبو البقاء : وهو هنا أشبه بالمعنى{[22681]} ، أي{[22682]} : التشديد .
و " يَتَفَطَّرْنَ " {[22683]} في محل نصب " خبراً ل " كَانَ " {[22684]} وزعم الأخفش أنها هنا بمعنى الإرادة{[22685]} ، وأنشد :
كَادَتْ وكِدْتُ وتِلْكَ خَيْرُ إرَادةٍ *** لَوْ عَادَ مِنْ زمنٍ الصِّبابةِ مَا مَضَى{[22686]}
فصل{[22687]}
يقال{[22688]} : انفطر الشيء وتفطَّر أي تشقَّق{[22689]} . وقرأ ابن مسعود " يتصَدَّعْنَ{[22690]} " .
و " تَنْشَقُّ{[22691]} الأرْضُ " أي تخسفُ بهم ، والانفطار في السماء ، أي : تسقط عليهم .
" وتخُرُّ الجِبَالُ هدَّاً " أي : تُهَدُّ هَداً ، بمعنى " تنطبق عليهم .
فإن قيل من أين يؤثر القول بإثبات الولد لله في انفطار السموات وانشقاق الأرض وخرور{[22692]} الجبال ؟ فالجوابُ من وجوه :
" الأول : أنَّ الله - تعالى- يقول : كدت أفعل هذا بالسموات والأرض والجبال عند وجود " {[22693]} هذه{[22694]} الكلمة غضباً منِّي على من تفوَّه بها ، لولا حلمي ، وإني لا أعجِّل بالعقوبة ، كقوله- تعالى{[22695]}- : { إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً }{[22696]} .
الثاني : أن يكون استعظاماً للكلمة ، وتهويلاً من فظاعتها ، وهدمها لأركان الدين وقواعده .
الثالث : أنَّ السماوات والأرضِ والجبال تكاد أن تفعل ذلك لو كانت تعقل{[22697]} من غلظ هذا القول ، وهذا تأويل أبي{[22698]} مسلم{[22699]} .
الرابع : أنَّ السماوات والأرض والجبال كانت سليمة من كل العيوب ، فلما تكلم بنو آدم{[22700]} بهذا القول ظهرت العيوب{[22701]} فيها{[22702]} .
قوله : { هدَّا } فيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنَّه مصدر وفي مضع الحال{[22703]} ، أي : مهدودة{[22704]} ، وذلك على أن يكون هذا المصدر من هدَّ زيدٌ الحائط يهدُّه هدَّا ، أي : " هدمهُ{[22705]} " {[22706]} .
والثاني : وهو قول أبي جعفر{[22707]} : أنه مصدر على غير المصدر{[22708]} لما كان في معناه{[22709]} ، لأن الخرور : السقوطُ والهدمُ ، وهذا على أن يكون من هدَّ الحائطُ يَهِدُّ - بالكسر- انهدم ، فيكون لازماً .
الثالث : أن يكون مفعولاً من أجله ، قال الزمخشري : أي : لأنها تهد{[22710]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.