الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذَا رَءَاكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَٰذَا ٱلَّذِي يَذۡكُرُ ءَالِهَتَكُمۡ وَهُم بِذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ هُمۡ كَٰفِرُونَ} (36)

قوله تعالى : " وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا " أي ما يتخذونك . والهزء السخرية ، وقد تقدم وهم المستهزئون المتقدمو الذكر في آخر سورة " الحجر " {[11260]} في قوله : " إنا كفيناك المستهزئين " [ الحجر : 95 ] . كانوا يعيبون من جاحد إلهية أصنامهم وهم جاحدون لإلهية الرحمن ، وهذا غاية الجهل . " أهذا الذي " أي يقولون : أهذا الذي ؟ فأضمر القول وهو جواب " إذا " وقوله : " إن يتخذونك إلا هزوا " كلام معترض بين " إذا " وجوابه . " يذكر آلهتكم " أي بالسوء والعيب . ومنه قول عنترة :

لا تَذْكُرِي مُهْرِي وما أطعمتُه *** فيكون جلدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ{[11261]}

أي لا تعيبي مهري . " وهم بذكر الرحمن " أي بالقرآن . " هم كافرون " " هم " الثانية توكيد كفرهم ، أي هم الكافرون مبالغة في وصفهم بالكفر .


[11260]:راجع جـ 10 ص 92.
[11261]:قاله لامرأة له من بجيلة كانت تلومه في فرس كان يؤثره على خيله ويطعمه ألبان إبله.