قوله تعالى : " خلق الإنسان من عجل " أي ركب على العجلة فخلق عجولا ، كما قال الله تعالى : " الله الذي خلقكم من ضعف{[11262]} " [ الروم : 54 ] أي خلق الإنسان ضعيفا . ويقال : خلق الإنسان من الشر أي شريرا إذا بالغت في وصفه به . ويقال : إنما أنت ذهاب ومجيء . أي ذاهب جائي . أي طبع الإنسان العجلة ، فيستعجل كثيرا من الأشياء وإن كانت مضرة . ثم قيل : المراد بالإنسان آدم عليه السلام . قال سعيد بن جبير والسدي : لما دخل الروح في عيني آدم عليه السلام نظر في ثمار الجنة ، فلما دخل جوفه اشتهى الطعام ، فوثب من قبل أن تبلغ الروح رجليه ، عجلان إلى ثمار الجنة . فذلك قوله : " خلق الإنسان من عجل " . وقيل خلق آدم يوم الجمعة . في آخر النهار ، فلما أحيا الله رأسه استعجل ، وطلب تتميم نفخ الروح فيه قبل غروب الشمس ، قاله الكلبي ومجاهد وغيرهما . وقال أبو عبيدة وكثير من أهل المعاني : العجل الطين بلغة حمير . وأنشدوا :
والنخلُ ينبتُ بينَ الماء والعَجَلِ{[11263]}
وقيل : المراد بالإنسان الناس كلهم . وقيل المراد : النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار في تفسير ابن عباس ، أي لا ينبغي لمن خلق من الطين الحقير أن يستهزئ بآيات الله ورسله . وقيل : إنه من المقلوب ، أي خلق العجل من الإنسان . وهو مذهب أبي عبيدة . النحاس : وهذا القول لا ينبغي أن يجاب به في كتاب الله ؛ لأن القلب إنما يقع في الشعر اضطرارا كما{[11264]} قال :
كان الزِّنَاءُ فريضةُ الرَّجْمِ{[11265]}
ونظيره هذه الآية : " وكان الإنسان عجولا " [ الإسراء : 11 ] وقد مضى في " سبحان " {[11266]} [ الإسراء : 1 ] . " سأريكم آياتي فلا تستعجلون " هذا يقوي القول الأول ، وأن طبع الإنسان العجلة ، وأنه خلق خلقا لا يتمالك ، كما قال عليه السلام حسب ما تقدم في " الإسراء " . والمراد بالآيات ما دل على صدق محمد عليه السلام من المعجزات ، وما جعله له من العاقبة المحمودة . وقيل : ما طلبوه من العذاب ، فأرادوا الاستعجال وقالوا : " متى هذا الوعد " [ يونس : 48 ] ؟ وما علموا أن لكل شيء أجلا مضروبا . نزلت في النضر بن الحرث . وقول : " إن كان هذا هو الحق " {[11267]} [ الأنفال : 32 ] . وقال الأخفش سعيد : معنى " خلق الإنسان من عجل " أي قيل له كن فكان ، فمعنى " فلا تستعجلون " على هذا القول أنه من يقول للشيء كن فيكون ، لا يعجزه إظهار ما استعجلوه من الآيات .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.