الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَجَعَلَهُمۡ جُذَٰذًا إِلَّا كَبِيرٗا لَّهُمۡ لَعَلَّهُمۡ إِلَيۡهِ يَرۡجِعُونَ} (58)

قوله تعالى : " فجعلهم جذاذا " أي فتاتا . والجذ الكسر والقطع ، جذذت الشيء كسرته وقطعته . والجذاذ والجذاذ ما كسر منه ، والضم أفصح من كسره . قاله الجوهري . الكسائي : ويقال لحجارة الذهب جذاذ ؛ لأنها تكسر . وقرأ الكسائي والأعمش وابن محيصن " جذاذا " بكسر الجيم ، أي كسرا وقطعا جمع جذيذ وهو الهشيم ، مثل خفيف وخفاف وظريف وظراف . قال الشاعر :

جَذَّذَ الأصنام في مِحْرَابِهَا *** ذاك في الله العليِّ المقتدر

الباقون بالضم ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم . [ مثل ]{[11286]} الحطام والرفات الواحدة جذاذة . وهذا هو الكيد الذي أقسم به ليفعلنه بها . وقال : " فجعلهم " ؛ لأن القوم اعتقدوا في أصنامهم الإلهية . وقرأ ابن عباس وأبو نهيك وأبو السمال " جذاذا " بفتح الجيم ، والفتح والكسر لغتان كالحصاد والحصاد . أبو حاتم : الفتح والكسر والضم بمعنى ، حكاه قطرب . " إلا كبيرا لهم " أي عظيم الآلهة في الخلق فإنه لم يكسره . وقال السدي ومجاهد : ترك الصنم الأكبر وعلق الفأس الذي كسر به الأصنام في عنقه ؛ ليحتج به عليهم . " لعلهم إليه يرجعون " أي إلى إبراهيم دينه " يرجعون " إذا قامت الحجة عليهم . وقيل : " لعلهم إليه " أي إلى الصنم الأكبر " يرجعون " في تكسيرها .


[11286]:في الأصول: "أي" وهو تحريف.