الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوۡجٖ كَرِيمٍ} (10)

قوله تعالى : " خلق السماوات بغير عمد ترونها " تكون " ترونها " في موضع خفض على النعت ل " عمد " فيمكن أن يكون ثم عمد ولكن لا ترى . ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال من " السماوات " ولا عمد ثم البتة . النحاس : وسمعت علي بن سليمان يقول : الأولى أن يكون مستأنفا ، ولا عمد ثم . قاله مكي . ويكون " بغير عمد " التمام . وقد مضى في " الرعد " {[12570]} الكلام في هذه الآية . " وألقى في الأرض رواسي " أي جبالا ثوابت . " أن تميد بكم " في موضع نصب ، أي كراهية أن تميد . والكوفيون يقدرونه بمعنى لئلا تميد . " وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم " عن ابن عباس : من كل لون حسن . وتأوله الشعبي على الناس ؛ لأنهم مخلوقون من الأرض . قال : من كان منهم يصير إلى الجنة فهو الكريم ، ومن كان منهم يصير إلى النار فهو اللئيم . وقد تأول غيره أن النطفة مخلوقة من تراب ، وظاهر القرآن يدل على ذلك .


[12570]:راجع ج 9 ص 279.