{ خلق السماوات بغير عمد } جمع عماد كأهب جمع إهاب ، وهو ما يعمد به ، أي : يسند ؛ يقال : عمدت الحائط إذا دعمته ، والدعامة بالكسر ما يسند به الحائط إذا مال ، يمنعه السقوط ، ودعمت الحائط دعما من باب نفع . وقد تقدم الكلام فيه في سورة الرعد ، قيل : إن السماء خلقت مبسوطة كصفحة مستوية ، وهو قول المفسرين ؛ وهي في الفضاء ، لا نهاية له وكون السماء في بعضه دون بعض ليس ذلك إلا بقدرة قادر مختار ، وإليه الإشارة بقوله بغير عمد .
{ ترونها } أي ليس لها شيء يمنعها الزوال من موضعها ، وهي ثابتة لا تزول ، وليس ذلك إلا بقدرة الله تعالى ، وفيه وجهان : أحدهما أنه راجع إلى السماوات ، أي ليست هي بعمد ، وأنتم ترونها كذلك بغير عمد ، الوجه الثاني : أنه راجع إلى العمد ، ومعناه بغير عمد مرئية ، فيمكن أن تكون ثم عمد ولكن لا ترى ، وقيل : ولا عمد البتة ، قال علي بن سليمان : الأولى أن يكون مستأنفا ، أي : ولا عمد ، ثم :
{ وألقى في الأرض رواسي } أي : جبالا مرتفعة ثوابت شوامخ من أوتاد الأرض ، وهي سبعة عشر جبلا منها قاف ، وأبو قبيس{[1370]} والجودي ولبنان ، وطور سنين ، وطور سيناء ، أخرجه ابن جرير ، ولكن لا وجه للتخصيص ، والأولى العموم ، والجبال على الأرض أكثر من ذلك ، والكل يصلح للرسو ، يقال : رسا الشيء ثبت ، وبابه عدا وسما والرواسي : الرواسخ واحدتها راسية { أن تميد بكم } أي : كراهة أن تميد بكم ، وقيل : لئلا تميد ، والمعنى أنه خلقها وجعلها مستقرة ثابتة ، لا تتحرك بجبال جعلها عليها وأرساها على ظهرها .
{ وبث } أي نشر وفرق { فيها } أي : في الأرض { من كل دابة } أي : كل نوع من أنواع الدواب ، ومن زائدة { وأنزلنا } فيه التفات عن الغيبة { من السماء ماء } مطهرا وهو من إنعام الله على عباده وفضله { فأنبتنا فيها } أي : في الأرض بسبب إنزال الماء .
{ من كل زوج كريم } أي من كل صنف حسن ، ووصفه بكونه كريما لحسن لونه ، وكثرة منافعه ، وقيل : إن المراد بذلك الناس ، فالكريم منهم من يصير إلى الجنة ، واللئيم من يصير إلى النار ، قاله الشعبي ، وغيره ؛ والأول أولى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.