قوله تعالى : " ثم لم تكن فتنتهم " الفتنة الاختبار أي لم يكن جوابهم حين اختبروا بهذا السؤال ، ورأوا الحقائق ، وارتفعت الدواعي{[6273]} . " إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين " تبرؤوا من الشرك وانتفوا منه لما رأوا من تجاوزه ومغفرته للمؤمنين . قال ابن عباس : يغفر الله تعالى لأهل الإخلاص ذنوبهم ، ولا يتعاظم عليه ذنب أن يغفره ، فإذا رأى المشركون ذلك ، قالوا إن ربنا يغفر الذنوب ولا يغفر الشرك فتعالوا نقول : إنا كنا أهل ذنوب ولم نكن مشركين ، فقال الله تعالى : أما إذ كتموا الشرك فاختموا على أفواههم ، فيختم على أفواههم ، فتنطق أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ، فعند ذلك يعرف المشركون أن الله لا يكتم حديثا ، فذلك قوله : " يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا{[6274]} " [ النساء : 42 ] . وقال أبو إسحاق الزجاج : تأويل هذه الآية لطيف جدا ، أخبر الله عز وجل بقصص المشركين وافتتانهم بشركهم ، ثم أخبر أن فتنتهم لم تكن حين رأوا الحقائق إلا أن انتفوا من الشرك ، ونظير هذا في اللغة أن ترى إنسانا يحب غاويا فإذا وقع في هلكة تبرأ منه ، فيقال{[6275]} : ما كانت محبتك إياه إلا أن تبرأت منه . وقال الحسن : هذا خاص بالمنافقين جروا على عادتهم في الدنيا ، ومعنى ( فتنتهم ) عاقبة فتنتهم أي كفرهم . وقال قتادة : معناه معذرتهم . وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة قال : ( فيلقى العبد فيقول : أي فل{[6276]} ألم أكرمك وأسودك وأزوجك{[6277]} وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع فيقول : بلى أي رب{[6278]} ، فيقول أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا ، فيقول إني أنساك كما نسيتني . ثم يلقى الثاني فيقول له ويقول هو مثل ذلك بعينه ، ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول : يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت وتصدقت ، يثني بخير ما استطاع قال : فيقال ههنا إذا ، ثم يقال له : الآن نبعث شاهدا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي ، فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك المنافق وذلك الذي سخط الله عليه ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.