التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِينَ} (23)

{ ثم لم تكن فتنتهم } الفتنة هنا تحتمل أن تكون بمعنى الكفر أي : لم تكن عاقبة كفرهم إلا جحوده والتبرؤ منه ، وقيل : فتنتهم معذرتهم ، وقيل كلامهم وقرئ فتنتهم بالنصب على خبر كان واسمها أن قالوا ، وقرئ بالرفع على اسم كان وخبرها { أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } جحود لشركهم .

فإن قيل كيف يجحدونه وقد قال الله { ولا يكتمون الله حديثا } [ النساء : 42 ] ، فالجواب : أن ذلك يختلف باختلاف طوائف الناس واختلاف المواطن ، فيكتم قوم ويقر آخرون ، ويكتمون في موطن ويقرون في موطن آخر ، لأن يوم القيامة طويل ، وقد قال ابن عباس : لما سئل عن هذا السؤال : " إنهم جحدوا طمعا في النجاة فختم الله على أفواههم " ، وتكلمت جوارحهم فلا يكتمون الله حديثا .