الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِينَ} (23)

قوله تعالى : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }[ الأنعام :23 ] .

الفِتْنَةُ في كلام العرب : لفظة مشتركة ، تقال بمعنى حُبِّ الشيء ، والإعجاب به ، وتقال بمعنى الاخْتِبَارِ ، ومن قال : إن أَصْلَ الفتنة الاخْتِبَارُ من : فَتَنْتُ الذَّهَبَ في النَّارِ ، ثم يُسْتَعَارُ بعد ذلك في غَيْرِ ذلك ، فقد أَخْطَأَ ، لأن الاسْمَ لا يُحْكَمُ عليه بمعنى الاسْتِعَارَةِ حتى يقطع عليه باسْتِحَالَةِ حَقِيقَتِهِ في المَوْضِع الذي استعير له ، كقول ذي الرّمّةِ : [ الطويل ]

وَلَفَّ الثُّرَيَّا فِي مُلاَءَتِهِ الفَجْرُ***

ونحوه ، والفتنة لا يَسْتَحِيلُ أن تكون حَقِيقَةً في كل مَوْضِعٍ قيلت عليه ، وباقي الآية مضى تَفْسِيرُهُ عند قوله سُبْحَانَهُ : { وَلاَ يَكْتُمُونَ الله حَدِيثاً } [ النساء : 42 ] فانظره هناك .

قال ( ع ) : وعبر قَتَادَةُ عن الفِتْنَةِ هنا بأن قال : معذرتهم .

وقال الضَّحَّاك : كلامهم .

وقيل غير هذا مما هو في ضِمْنِ ما ذكرناه .