فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِينَ} (23)

قوله : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } قال الزجاج : تأويل هذه الآية : أن الله عزّ وجلّ أخبر بقصص المشركين وافتتانهم بشركهم ، ثم أخبر أن فتنتهم لم تكن حتى رأوا الحقائق إلا أن انتفوا من الشرك ، ونظير هذا في اللغة أن ترى إنساناً يحب غاوياً ، فإذا وقع في هلكة تبرأ منه فتقول : ما كانت محبتك إياه إلا أن تبرأ منه انتهى . فالمراد بالفتنة على هذا كفرهم : أي لم تكن عاقبة كفرهم الذي افتخروا به ، وقاتلوا عليه ، إلا ما وقع منهم من الجحود والحلف على نفيه بقولهم : { والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } وقيل المراد بالفتنة هنا جوابهم ، أي لم يكن جوابهم إلا الجحود والتبرّي ، فكان هذا الجواب فتنة لكونه كذباً ، وجملة : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } معطوفة على عامل الظرف المقدّر كما مرّ والاستثناء مفرّغ ، وقرئ «فتنتهم » بالرفع وبالنصب . و{ يكن } و{ تكن } والوجه ظاهر ، وقرئ «وَمَا كَانَ فِتْنَتُهُمْ » وقرئ «رَبَّنَا » بالنصب على النداء .

/خ28