بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ثُمَّ لَمۡ تَكُن فِتۡنَتُهُمۡ إِلَّآ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِينَ} (23)

{ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } وأصل الفتنة في اللغة : هو الاختبار . ويقال : فتنت الذهب في النار إذا أدخلته لتعلم جودته وإنما سمي جوابهم فتنة لأنهم حين سئلوا ، اختبروا بما عندهم بالسؤال فلم يكن الجواب من ذلك الاختبار فتنة إلا هذا القول . ويقال : ثم لم تكن معذرتهم وجوابهم { إِلاَّ أَن قَالُواْ والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } . قال مجاهد : إن المشركين لما رأوا يوم القيامة أن الله لا يغفر ذنوبهم يقول بعضهم لبعض : يا ويلكم جئتم بما لا يغفر الله لكم . هلموا الآن فلنكْذِبْ على أنفسنا ، ونحلف على ذلك ، فحلفوا . فحينئذٍ ختم على أفواههم ، فتشهد أيديهم وأرجلهم عليهم . قرأ ابن عامر وابن كثير وعاصم في رواية حفص : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ } بالتاء لأن الفتنة مؤنث { فِتْنَتُهُمْ } بضم التاء ، لأنه اسم تكن . وقرأ حمزة والكسائي : { ثم لم يكن } بالياء ، لأن الفتنة وإن كانت مؤنثة إلا أن تأنيثه ليس بحقيقي ، ولأن الفتنة بمعنى : الإفتان فانصرف إلى المعنى { فِتْنَتُهُمْ } بالنصب ، فجعلاه خبر تكن والاسم ما بعده . وقرأ أبو عمرو ونافع وعاصم في رواية أبي بكر : { ثُمَّ لَمْ تَكُنْ } بالتاء والنصب وقرأ حمزة والكسائي : { والله رَبّنَا } بنصب الباء . ومعناه : يا ربنا . وقرأ الباقون : { والله رَبّنَا } بكسر الباء على معنى النعت . قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : { انظر كَيْفَ كَذَبُواْ على أَنفُسِهِمْ } أي : كيف صار وبال تكذيبهم على أنفسهم .