الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

قوله تعالى : { وإذ قال موسى لقومه } لما ذكر أمر الجهاد بين أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد وجاهدا في سبيل الله ، وحل العقاب بمن خالفهما ، أي واذكر لقومك يا محمد هذه القصة . { ياقوم لم تؤذونني } وذلك حين رموه بالأدرة ، حسب ما تقدم في آخر سورة " الأحزاب{[14936]} " . ومن الأذى ما ذكر في قصة قارون : إنه دس إلى امرأة تدعي على موسى الفجور{[14937]} ، ومن الأذى قولهم : { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة{[14938]} } [ الأعراف : 138 ] . وقولهم : { فاذهب أنت وربك فقاتلا{[14939]} }[ المائدة : 24 ] . وقولهم : إنك قتلت هارون . وقد تقدم{[14940]} هذا . { وقد تعلمون أني رسول الله إليكم } والرسول يحترم ويعظم . ودخلت " قد " على " تعلمون " للتأكيد ، كأنه قال : وتعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه . { فلما زاغوا } أي مالوا عن الحق { أزاغ الله قلوبهم } أي أمالها عن الهدى ، وقيل : " فلما زاغوا " عن الطاعة " أزاغ الله قلوبهم " عن الهداية ، وقيل : " فلما زاغوا " عن الإيمان " أزاغ الله قلوبهم " عن الثواب ، وقيل : أي لما تركوا ما أمروا به من احترام الرسول عليه السلام وطاعة الرب ، خلق الله الضلالة في قلوبهم عقوبة لهم على فعلهم .


[14936]:راجع جـ 14 ص 250.
[14937]:راجع جـ 13 ص 210.
[14938]:راجع جـ 7 ص 273.
[14939]:راجع جـ 6 ص 128.
[14940]:راجع جـ 7 ص 294.