الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

ثُمَّ ذَكَرَ تعالى مقَالَةَ مُوسَى ، وذلك ضربُ مَثَلٍ للمؤمنينَ ؛ ليحذَرُوا مَا وَقَعَ فيه هؤلاء من العصيانِ وقولِ الباطل .

وقوله : { تُؤْذُونَنِي } أي : بتعنيتِكم وعصيانِكم واقْتِرَاحَاتِكُم ، وأسْنَدَ الزيغَ إليهم ؛ لكونهِ فعلَ حطيطَةٍ ، وهذا بخلافِ قوله تعالى : { ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ } [ التوبة : 118 ] فَأَسْنَدَ التَّوْبَةَ إليه سبحانَه ؛ لِكَوْنِهَا فعلَ رِفْعَةٍ ، و( زاغ ) معناه مَالَ وصَارَ عُرْفُهَا في الميلِ عن الحق ، و{ أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ } معناه طَبَعَ عليْهَا وكثُرَ مَيْلُها عنِ الحقِّ ؛ وهذهِ هي العُقُوبَةُ عَلَى الذَّنْبِ بِالذَّنْبِ .