ولما ذكر تعالى الجهاد المشتمل على المشاق وأنه يحب المقاتلين في سبيله ، ذكر قصتي موسى وعيسى تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم ، ليصبر على أذى قومه ، وبين أنهما أمرا بالتوحيد ، وجاهدا في سبيل الله ، وجعل العقاب لمن خالفهما مبتدئا بقصة موسى لتقدمه في الزمان فقال :{ وإذ قال موسى لقومه } أي أذكر يا محمد لهؤلاء المعرضين وقت قول موسى ، ويجوز أن يكون وجه ذكر قصة موسى وعيسى بعد محبة المجاهدين في سبيل الله التحذير لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ، أن يفعلوا مع نبيهم ما فعله قوم موسى وعيسى معهما { يا قوم لم تؤذونني } هذا مقول القول ، أي لم تؤذونني بمخالفة ما آمركم به من الشرائع التي افترضها الله عليكم ، أو بالشتم والانتقاص ومن ذلك رميه بالأدرة ، وقد تقدم بيان هذا في سورة الأحزاب .
وجملة :{ وقد تعلمون أني رسول الله إليكم } في محل نصب على الحال ، وقد لتحقق العلم أو لتأكيده لا للتقريب ولا للتقليل ، وصيغة المضارع للدلالة على الاستمرار ، والمعنى كيف تؤذونني مع علمكم بذلك ؟ والرسول يحترم ويعظم ، ولم يبق معكم شك في الرسالة لما قد شاهدتم من المعجزات التي توجب عليكم الاعتراف برسالتي ، وتفيدكم العلم بها علما يقينيا .
{ فلما زاغوا } عن الإيمان وأصروا على الزيغ واستمروا عليه ، { أزاغ الله قلوبهم } عن الهدى وصرفها عن قبول الحق ، وقيل : صرفها عن الثواب قال مقاتل : لما عدلوا عن الحق أي بإيذاء نبيهم أمال الله قلوبهم عنه ، جزاء بما ارتكبوا " ، أو المعنى لما تركوا أوامره نزع نور الإيمان من قلوبهم ، أو فلما اختاروا الزيغ أزاغ الله قلوبهم ، أي خذلهم وحرمهم توفيق إتباع الحق .
{ والله لا يهدي القوم الفاسقين } هذه الجملة مقررة لمضمون ما قبلها ، قال الزجاج : لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق ، والمعنى أنه لا يهدي كل متصف بالفسق وهؤلاء من جملتهم وإن من أسلم منهم لم يكن كافرا في علمه ، أي محتوما عليه بالكفر بحيث يموت عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.