قوله تعالى : " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا " أي واذكر إذ أسر النبي إلى حفصة حديثا " يعني تحريم مارية على نفسه واستكتامه إياها ذلك . وقال الكلبي : أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي ، وقاله ابن عباس . قال : أسر أمر الخلافة بعده إلى حفصة فذكرته حفصة . روي الدارقطني في سننه عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى : " وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا " قال : اطلعت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أم إبراهيم فقال : ( لا تخبري عائشة ) وقال لها ( إن أباك وأباها سيملكان أو سيليان بعدي فلا تخبري عائشة ) قال : فانطلقت حفصة فأخبرت عائشة فأظهره الله عليه ، فعرف بعضه وأعرض عن بعض . قال أعرض عن قوله : ( إن أباك وأباها يكونان بعدي ) . كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينشر ذلك في الناس . " فلما نبأت به " أي أخبرت به عائشة لمصافاة كانت بينهما ، وكانتا متظاهرتين على نساء النبي صلى الله عليه وسلم . " وأظهره الله عليه " أي أطلعه الله على أنها قد نبأت به . وقرأ طلحة بن مصرف " فلما أنبأت " وهما لغتان : أنبأ ونبأ . " عرف بعضه وأعرض عن بعض " عرف حفصة بعض ما أوحي إليه من أنها أخبرت عائشة بما نهاها عن أن تخبرها ، وأعرض عن بعض تكرما ، قاله السدي . وقال الحسن : ما استقصى كريم قط ، قال الله تعالى " عرف بعضه وأعرض عن بعض " . وقال مقاتل : يعني أخبرها ببعض ما قالت لعائشة ، وهو حديث أم ولده ولم يخبرها ببعض وهو قول حفصة لعائشة : إن أبا بكر وعمر سيملكان بعده . وقراءة العامة " عرف " مشددا ، ومعناه ما ذكرناه . واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، يدل عليه قوله تعالى : " وأعرض عن بعض " أي لم يعرفها إياه . ولو كانت مخففة لقال في ضده وأنكر بعضا . وقرأ علي وطلحة بن مصرف وأبو عبدالرحمن السلمي والحسن وقتادة والكلبي والكسائي والأعمش عن أبي بكر " عرف " مخففة . قال عطاء : كان أبو عبدالرحمن السلمي إذا قرأ عليه الرجل " عرف " مشددة حَصَبَه بالحجارة . قال الفراء : وتأويل قوله عز وجل : " عرف بعضه " بالتخفيف ، أي غضب فيه وجازى عليه ، وهو كقولك لمن أساء إليك : لأعرفن لك ما فعلت ، أي لأجازينك عليه . وجازاها النبي صلى الله عليه وسلم بأن طلقها طلقة واحدة . فقال عمر : لو كان في آل الخطاب خير لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك . فأمره جبريل بمراجعتها وشفع فيها . واعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا ، وقعد في مشربة مارية أم إبراهيم حتى نزلت آية التحريم على ما تقدم . وقيل : هم بطلاقها حتى قال له جبريل : ( لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وإنها من نسائك في الجنة ) فلم يطلقها . " فلما نبأها به " أي أخبر حفصة بما أظهره الله عليه . " قالت من أنبأك هذا " يا رسول الله عني . فظنت أن عائشة أخبرته ، فقال عليه السلام : " قال نبأني العليم الخبير " أي الذي لا يخفى عليه شيء . و " هذا " سد مسد مفعولي " أنبأ " . و " نبأ " الأول تعدى إلى مفعول ، و " نبأ " الثاني تعدى إلى مفعول واحد ، لأن نبأ وأنبأ إذا لم يدخلا على المبتدأ والخبر جاز أن يكتفى فيهما بمفعول واحد وبمفعولين ، فإذا دخلا على الابتداء والخبر تعدى كل واحد منهما إلى ثلاثة مفعولين . ولم يجز الاقتصار على الاثنين دون الثالث ؛ لأن الثالث هو خبر المبتدأ في الأصل فلا يقتصر دونه ، كما لا يقتصر على المبتدأ دون الخبر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.