{ وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا } قال أكثر المفسرين ومنهم النسفي والمحلي والخازن : هي حفصة كما سبق ، والحديث هو تحريم مارية أو العسل أو تحريم التي وهبت نفسها له ، والعامل في الظرف فعل مقدر ، أي واذكر إذ أسر ، وقال الكلبي : أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي .
" عن عائشة في الآية قالت : أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي " . وأخرج ابن عدي وأبو نعيم في الصحابة والعشاري في فضائل الصديق وابن مردويه وابن عساكر من طرق :
" عن علي وابن عباس قالا : والله إن إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب . { وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا } ، قال لحفصة أبوك وأبو عائشة واليا الناس بعدي ، فإياك أن تخبري أحدا بهذا " ، قال الشوكاني رحمه الله : وهذا ليس فيه أنه سبب نزول قوله : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ، بل فيه أن الحديث الذي أسره النبي هو هذا فعلى فرض أن له إسنادا يصلح للاعتبار هو معارض بما سبق من تلك الروايات الصحيحة ، وهي مقدمة عليه ومرجحة بالنسبة إليه .
{ فلما نبأت به } أخبرت به غيرها ظنا منها أن لا حرج في ذلك فهو باجتهاد منها ، وهي مأجورة فيه ، وذلك لأن الاجتهاد جائز في عصره صلى الله عليه وسلم على الصحيح ، كما في جمع الجوامع وأصل نبأ وأنبأ وخبر وأخبر وحدث أن تتعدى لاثنين إلى الأول بنفسها ، وإلى الثاني بحرف الجر ، وقد يحذف الجار تخفيفا ، وقد يحذف الأول للدلالة عليه ، وقد جاءت الاستعمالات الثلاث في هذه الآية ، فقوله : { فلما نبأت به } تعدى لاثنين حذف أولهما ، والثاني مجرور بالباء ، وقوله : { فلما نبأها به } ذكرهما ، وقوله : { من أنبأك هذا } ؟ ذكرهما وحذف الجار .
{ وأظهره الله عليه } أي أطلع الله نبيه على ذلك الواقع منها من الإخبار لغيرها على لسان جبريل { عرف بعضه } أي بعض ما أخبرت به وهو تحريم مارية أو العسل قرأ الجمهور : عرف مشددا من التعريف ، ومعناه عرف حفصة بعض الحديث ، وأخبرها ببعض ما كان منها ، وقرئ بالتخفيف أي عرف بعض الذي فعلته حفصة واختار أبو عبيد وأبو حاتم الأولى لقوله : { وأعرض عن بعض } ولو كان مخففا لقال في ضده : وأنكر بعضا ، والمعنى لم يعرفها إيّاه ولم يخبرها به تكرما منه وحياء وحسن عشرة .
قال الحسن : ما استقصى كريم قط ، وقال سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام ، وقيل : أعرض عن تعريف بعض ذلك كرامة أن ينتشر في الناس وقيل : الذي أعرض عنه هو حديث مارية ، وقيل : هو إن أباها وأبا بكر يكونان خليفتين بعده وللمفسرين ههنا خلط وخبط وكل جماعة منهم ذهبوا إلى تفسير التعريف والإعراض بما يطابق بعض ما ورد في سبب النزول ، وقد أوضحنا ذلك من قبل .
{ فلما نبأها به } أي أخبرها بما أفشت من الحديث { قالت من أنبأك هذا ؟ } أي من أخبرك به { قال : نبأني العليم الخبير } أي أخبرني الذي لا تخفى عليه خافية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.