فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذۡ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعۡضِ أَزۡوَٰجِهِۦ حَدِيثٗا فَلَمَّا نَبَّأَتۡ بِهِۦ وَأَظۡهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضٖۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتۡ مَنۡ أَنۢبَأَكَ هَٰذَاۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡخَبِيرُ} (3)

{ وَإِذَ أَسَرَّ النبي إلى بَعْضِ أزواجه حَدِيثاً } قال أكثر المفسرين : هي حفصة كما سبق ، والحديث هو تحريم مارية ، أو العسل ، أو تحريم التي وهبت نفسها له ، والعامل في الظرف فعل مقدّر : أي واذكر إذ أسرّ . وقال الكلبي : أسرّ إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتي على أمتي من بعدي { فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ } أي أخبرت به غيرها { وَأَظْهَرَهُ الله عَلَيْهِ } أي أطلع الله نبيه على ذلك الواقع منها من الإخبار لغيرها { عَرَّفَ بَعْضَهُ } أي عرّف حفصة بعض ما أخبرت به . قرأ الجمهور : { عرّف } مشدّداً من التعريف ، وقرأ عليّ وطلحة بن مصرف وأبو عبد الرحمن السلمي والحسن وقتادة والكسائي بالتخفيف . واختار أبو عبيد وأبو حاتم القراءة الأولى لقوله : { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي لم يعرّفها إياه ، ولو كان مخففاً لقال في ضدّه : وأنكر بعضاً { وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } أي وأعرض عن تعريف بعض ذلك كراهة أن ينتشر في الناس ، وقيل : الذي أعرض عنه هو حديث مارية . وللمفسرين ها هنا خبط وخلط ، وكلّ جماعة منهم ذهبوا إلى تفسير التعريف والإعراض بما يطابق بعض ما ورد في سبب النزول ، وسنوضح لك ذلك إن شاء الله { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ } أي أخبرها بما أفشت من الحديث { قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هذا } أي من أخبرك به { قَالَ نَبَّأَنِيَ العليم الخبير } أي أخبرني الذي لا يخفى عليه خافية .

/خ5