والعامل في قوله تعالى : { وإذ } اذكر فهو مفعول به لا ظرف ، والمعنى اذكر إذ { أسرّ النبي } أي : الذي شأنه أن يرفعه الله تعالى دائماً فإنه ما ينطق عن الهوى { إلى بعض أزواجه } وأبهمها لم يعينها تشريفاً له صلى الله عليه وسلم ولها وهي حفصة صيانة لهن لأن حرمتهن من حرمته صلى الله عليه وسلم { حديثاً } ليس هو من شأن الرسالة ولو كان من شأنها لعم به ولم يخص به ، ولا أسره وذلك هو تحريمه فتاته على نفسه ، وقوله لحفصة : لا تخبري بذلك أحداً ، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما : أسرّ أمر الخلافة بعده فحدثت حفصة ، وقال الكلبي : أسرّ إليها إن أباك وأب عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي ، وقال ميمون بن مهران : أسر أن أبا بكر خليفتي من بعدي { فلما نبأت } أي : أخبرت { به } عائشة ظناً منها أنه لا حرج عليها في ذلك { وأظهره الله } أي : أطلعه الملك الذي له الإحاطة بكل شيء { عليه } أي : الحديث على لسان جبريل عليه السلام بأنه قد أفشى مناصحة له في إعلامه بما يقع في غيبته ليحذره إن كان شراً ويثبت عليه إن كان خيراً وقيل : أظهر الله الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم من الظهور { عرف } أي : النبي صلى الله عليه وسلم التي أسرّ إليها { بعضه } أي : بعض ما فعلت { وأعرض عن بعض } أي : إعلام بعض تكرماً منه أن يستقصي في العبارات وحياء وحسن عشرة ، قال الحسن : ما استقصى كريم قط ، وقال سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام ، وإنما عاتبها على ذكر الإمامة وأعرض عن ذكر الخلافة خوفاً من أن ينتشر في الناس ، فربما أثار حسد بعض المنافقين وأورث الحسود للصديق كيداً .
وقال بعض المفسرين : إنه أسر إلى حفصة شيئاً فحدثت به غيرها فطلقها مجازاة على بعضه ، ولم يؤاخذها بالباقي وهو من قبيل قوله تعالى : { وما تفعلوا من خير يعلمه الله } [ البقرة : 197 ] أي : يجازيكم عليه ، وقيل : المعرّف حديث الإمامة ، والمعرض عنه حديث مارية . وروي «أنه قال لها : ويلك ألم أقل لك أكتمي علي ، قالت : والذي بعثك بالحق نبياً ما ملكت نفسي فرحاً بالكرامة التي خص الله تعالى بها أباها » { فلما نبأها به } أي : بما فعلت على وجه لم يغادر من ذلك الذي عرفها به شيئاً منه ، ولا من عوارضه لتزداد بصيرة .
روي أنها قالت لعائشة سراً فأنا أعلم أنها لا تظهره ، قاله الملوي ، وهو معنى قوله تعالى : { قالت } أي : ظناً منها أن عائشة أفشت عليها { من أنبأك هذا } أي : من أخبرك أني أفشيت السر { قال نبأني } وحذف المتعلق اختصاراً للفظ وتكسيراً للمعنى بالتعميم إشارة أنه أخبره بجميع ما دار بينها وبين عائشة على أتم ما كان . { العليم } أي : المحيط العلم { الخبير } أي : المطلع على الضمائر والظواهر ، فهو أولى أن يحذر فلا يتكلم سراً أو جهراً إلا بما يرضيه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.