الآية3 وقوله تعالى : { وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه }[ دل قوله تعالى : { فلما نبأت به وأظهره الله عليه } ]{[21566]} أنه قد طلب منها إسرار ذلك الحديث الذي أسر إليها . وليس بنا حاجة إلى تعرف الحديث الذي أسر إليها .
وفيه دلالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما علم بإفشائها سره إلى صاحبتها بالله تعالى ، وهو قوله : { وأظهره الله عليه } .
وقوله تعالى : { عرف بعضه وأعرض عن بعض } فقوله : { عرّف } قرئ بالتخفيف والتشديد{[21567]} .
فمن قرأه بالتشديد فهو على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفها بعض ما أنبأت من القصة التي أسر إليها ، ولم يعرّفها البعض ، لأنه لم يكن القصد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخبرها بذلك النبإ الذي أسرّت [ به ]{[21568]} إليها ، وإنما كان المقصود منه تنبيهها بما أظهرت من السر ، وأفشت إلى صاحبتها لتنزجر عن المعاودة إلى مثله ، يعلمها ، [ به عما ]{[21569]} يعلم الكل ، فلم يكن إلى إظهار الكل حاجة .
وذكر في بعض الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : ألم أقل لك ، وسكت عليه ، وفي هذه آية رسالته ومنعهن عن إسرار ما يحتشمن عن إبداء مثله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهن ، إن فعلن ذلك ، أظهر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ذلك ، فيعلم ما يسررن .
ومن قرأ : عرف بالتخفيف فهو يحمله على الجزاء ، فيقول : عرف بعضه أن يجزي عن بعض ما استوجبه بإفشاء السر ، وأعرض عن بعض الجزاء ، يقول الرجل لآخر : عرف حقي ، فعرفت له حقه ، أو عرفت حقي ، فسأعرف حقك ، أي أقوم حقك ، أي أقوم بجزاء ذلك .
وذكر في الأخبار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة ، ثم نزل جبرائيل عليه السلام فقال له : راجعها ، فإنها صوامة ، وإنها لزوجتك في الجنة . فجائز أن يكون طلاقه إياها جزاء لبعض صنيعها .
ثم من الناس من يختار إحدى القراءتين على الأخرى ، فبقرأ إحداهما ، ويرغب عن الأخرى ، وذلك مما لا يحل لأن الأمرين جميعا ، قد وجدا ، وهو الجزاء والتعريف ، فجمع الله تعالى الأمرين جميعا في آية واحدة ، وفصل بين الأمرين بالإعراب . فليس لأحد أن يؤثر إحدى القراءتين على الأخرى .
وهكذا كقوله تعالى في قصة موسى عليه السلام : { قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر }و : علمت{[21570]} [ الإسراء : 102 ] وقد علم موسى عليه السلام وعلم فرعون ، فقد كان الأمران جميعا ، فجمع الله تعالى بين الأمرين في آية واحدة ، فلا يحل لأحد أن يقرأ بأحد الوجهين ، ويمتنع عن الوجه الآخر .
فكذلك هذا في قوله تعالى : { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } و : ربنا باعد{[21571]} بين أسفارنا [ سبإ : 19 ] فمن قرأ : { باعد بين أسفارنا } حمله على الدعاء ، ومن قرأ : باعد حمله على الإخبار ، وقد كان الأمران جميعا : الدعاء والإخبار ، فليس لأحد أن يؤثر أحدهما على الآخر ، فعلى ذلك الحكم في قوله : { عرف بعضه } والله أعلم .
وقد وصفنا تأويل قوله { العليم الخبير } ثم فيهما ما يدعو الإنسان إلى المراقبة والتيقظ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.