لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِيدِ ٱلۡعِقَابِ ذِي ٱلطَّوۡلِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ إِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (3)

قوله جل ذكره : { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } .

كتابٌ مُعَنْوَنٌ بقبول توبته لِعِبادَه ؛ عَلِمَ أنّ العاصيَ مُنكَسِرُ القلبِ فأزال عنه الانكسارَ بأن قدَّمَ نصيبه ، فقدَّم اسمَه على قبول التوبة . فَسَكَّنَ نفوسَهم وقلوبَهم باسْمِيْنِ يُوجِبَان الرجاء ؛ وهما قولُه : { غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ } .

ثم عقبها بقوله : { شَدِيدِ الْعِقَابِ } ثم لم يرض حتى قال بعدئذٍ { ذِي الطَّولِ } .

فيُقَابِلَ قوْلَه : { شَدِيدِ الْعِقَابِ } قَوْلُه : { ذِي الطَّوْلِ } .

ويقال : غافرُ الذنبِ لِمَنْ أصَرَّ واجْتَرَمَ ، وقابلُ التوبِ لمن أقَرَّ ونَدِمَ ، شديد العقاب لِمَنْ جَحَدَ وَعَنَدَ ، ذِي الطول لمن عَرَفَ ووَحَد .

ويقال غافر الذنب للظالمين ، وقابل التوب للمقتصدين ، شديد العقاب للمشركين ، ذي الطول للسابقين .

ويقال : سُنَّةُ الله أنه إذا خَوَّفَ العبادَ باسمٍ أو لفظٍ تدَاركَ قلوبهم بأن يُبشِّرَهم باسْمَيْن أو بوَصْفين .

{ إلَيْهِ الْمَصِيرُ } : وإذا كان إليه المصير فقد طاب إليه المسير .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِيدِ ٱلۡعِقَابِ ذِي ٱلطَّوۡلِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ إِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (3)

قوله : { غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ } { غافر } { وقابل } و { شديد } : نُعوت للفظ الجلالة . وقيل : مجرورة على البدل{[4001]} و { غَافِرِ الذَّنْبِ } : أي لمن قال لا إله إلا الله . أو يستره على أوليائه . و { وَقَابِلِ التَّوْبِ } : أي من الشرك والمعاصي . و { الثّوب } : مصدر بمعنى التوبة من تاب يتوب توبة وتوبا . وقيل : جمع توبة { شَدِيدِ الْعِقَابِ } لمن لم يقل لا إله إلا الله ، أو للعصاة غير التائبين .

قوله : { ذِي الطَّوْلِ } أي ذي النعم . واصل الطول : الإنعام والتفضّل . وقيل : المن .

قوله : { لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } الله وحده المعبود ، لا شريك له . إليه تصير الأمور كلها فإليه يرجع المآب .


[4001]:الدر المصون ج 9 ص 453