فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِيدِ ٱلۡعِقَابِ ذِي ٱلطَّوۡلِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ إِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (3)

{ غَافِرِ الذَّنْبِ } أي ذنب المؤمنين ، وعن ابن عمر قال : ساتر الذنب لمن يقول : لا إله إلا الله { وَقَابِلِ التَّوْبِ } أي توبة الراجعين أو عمن يقول لا إله إلا الله . والتوب والثوب والأوب أخوات في معنى الرجوع مصادر ، وقال الأخفش : التوب جمع توبة ، كدوم ودومة ، وإدخال الواو في هذا الوصف لإفادة الجمع للمذنب التائب بين قبول توبته ومحو حوبته قاله العمادي أو لتغاير الوصفين إذ ربما يتوهم الاتحاد قاله البيضاوي .

{ شَدِيدِ الْعِقَابِ } أي مشدودة لمن لا يقول : لا إله إلا الله ، أو على المخالفين والكافرين ، وقيل : قابل التوب لأوليائه ، وشديد العقاب لأعدائه وقيل قابل التوب من الشرك وشديد العقاب لمن لا يوحده { ذِي الطَّوْلِ } أي ذي الفضل على العارفين ، أو الغني عن كل العالمين وأصل الطول الإنعام والتفضل أي ذي الإنعام على عباده والتفضل عليهم ، وقال مجاهد وابن عباس : ذي الغنى والسعة ، ومنه قوله :

{ ومن لم يستطع منكم طولا } أي غنى وسعة ، وقال عكرمة : ذي المن قال الجوهري والطول بالفتح لمن يقال : منه طال عليه ويطول عليه إذا امتن عليه . وقال محمد بن كعب : ذي التفضل قال الماوردي والفرق بين المن والتفضل أن المن عفو عن ذنب ، والتفضل إحسان غير مستحق ، والله سبحانه موصوف على الدوام بكل من هذه الصفات ، فإضافة المشتق منها للتعريف كالأخيرة ، وقال السمين : فيها ثلاثة أوجه أحدها أنها كلها صفات للجلالة ، الثاني أن الكل أبدال ، لان إضافتها غير محضة الثالث أن غافر وقابل نعتان ، وشديد العقاب بدل انتهى .

ثم ذكر ما يدل على توحيده ، وأنه الحقيق بالعبادة فقال :

{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ } استئناف أو حال لازمة ، وقال أبو البقاء : صفة قال ابن عادل : وهذا على ظاهره فاسد ، لأن الجملة لا تكون صفة للمعارف ، ويمكن أن يريد أنه صفة لشديد العقاب لأنه لم يتعرف عنده بالإضافة { إِلَيْهِ } لا إلى غير { الْمَصِيرُ } أي مصير من يقول لا إله إلا الله فيدخل الجنة ومصير من لا يقول لا إله إلا الله فيدخل النار ، وذلك في اليوم الآخر ، قال الكرخي حال من الجملة قبله .

أخرج أبو عبيدة وابن سعد ومحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قرأ حم المؤمن إلى : إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ، ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح ) {[1456]}


[1456]:ضعيف الجامع الصغير 5781/مشكاة المصابيح 2144.