الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{غَافِرِ ٱلذَّنۢبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوۡبِ شَدِيدِ ٱلۡعِقَابِ ذِي ٱلطَّوۡلِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ إِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (3)

ثم قال تعالى{[59373]} : { غافر الذنب قابل التوب } .

{ غافر } خفض على البدل ولا يحسن أن يكون نعتا لأنه نكرة إذ هو لما يستقبل{[59374]} ومثله : { وقابل الثوب }{[59375]} فإن جعلتهما{[59376]} . لما مضى حَسُنَ{[59377]} ، لأنه تعالى ذكره لم يزل غفارا لذنوب عباده قابلا للتوبة ممن{[59378]} تاب منهم . فيحسن على هذا أن يكونا نعتين لله{[59379]} جل ذكره ، ويحسن أن يكون بدلا{[59380]} .

والتوب : جمع توبة كدومة ودوم . ويجوز أن يكون التوب مصدرا{[59381]} كتوبة يقال : تاب توبة وتوبا .

فأما قوله { شديد العقاب } فهو نكرة ، فلا يجوز أن يكون إلا بدلا .

فأما قوله : { ذي الطول } فيحسن أن يكون معرفة لأنه لم يزل كذلك ، فيجوز ( على ذلك أن يكون ){[59382]} نعتا وبدلا{[59383]} .

وقوله : { لا إله إلا هو } جملة في موضع النعت .

ومعنى { شديد العقاب } ، أي{[59384]} : لمن عاقبه من أهل العصيان .

ومعنى { ذي الطول } : ذي الفضل المبسوط على من يشاء{[59385]} من خلقه .

قال ابن عباس : ذي الطَّوْلِ : ( ذي السَّعةَ والغنى ){[59386]} .

وقيل معناه : ذي الطول{[59387]} على أوليائه يضاعف لهم الحسنات ويعفو عن السيئات .

وقيل : معناه : ذي الغناء{[59388]} عمن لا يقول : ( لا إله إلا الله ) ودل على هذا المعنى قوله بعد ذلك : لا إله إلا هو .

وقال قتادة : ( ذي الطول : ذي النعم ){[59389]} .

وقال ابن زيد : الطول : القدرة{[59390]} .

ومعنى { لا إله إلا هو إليه المصير } ، أي : لا معبود غيره ، إليه المرجع .


[59373]:ساقط من (م).
[59374]:انظر: معاني الأخفش 2/674، وجامع البيان 24/27، ومعاني الزجاج 4/366، وإعراب النحاس 4/25، ومعاني الفراء 3/5.
[59375]:(ح): الثوب.
[59376]:(ت): جعلتها.
[59377]:في طرة (ت).
[59378]:(ت): من.
[59379]:(ح) له.
[59380]:انظر: إعراب النحاس 4/26، والتبيان في إعراب القرآن 390.
[59381]:انظر: مجاز أبي عبيدة 2/194، والكامل 1/518.
[59382]:(ح) أن يكون على ذلك.
[59383]:انظر: إعراب النحاس 4/26.
[59384]:في طرة (ت).
[59385]:(ح) شاء.
[59386]:انظر: جامع البيان 24/27، والمحرر الوجيز 14/114، وتفسير ابن كثير 4/71. ونسب القرطبي في جامعه هذا القول إلى مجاهد 15/291.
[59387]:(ح): التطول.
[59388]:ت: الغنى.
[59389]:انظر: جامع البيان 24/28، وتفسير ابن كثير 4/71. أما القرطبي فقد نسب هذا القول في جامعة 15/291 إلى ابن عباس.
[59390]:انظر: جامع البيان 24/28.