لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

قوله جل ذكره : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } .

في النفخة الأولى تموتون ، ثم في النفخة الثانية تُحْشَرُون ، والنفختان متجانستان ؛ ولكنه يخلق عند إحداهما إزهاق الأرواح ؛ وفي الأخرى حياة النفوس ، لِيُعْلَمَ أن النفخةَ لا تعمل شيئاً لعينها ، وإنما الجبَّارُ بقدرته يخلق ما يشاء .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} (68)

قوله تعالى : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ( 68 ) } .

ذلك إخبار من الله عن أهوال القيامة وعما يجري فيها من قوارع وقواصم كونية ترتج من أجلها الأرض والسماوات وتتزلزل من شدتها سائر المخاليق والكائنات ويكشف عن ذلك هذه الآيات المريعة العظام التي تأخذ بالقلوب وتقرع المشاعر والوجدان والأبدان . وهو قوله : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ } وهو قرن هائل ، الله أعلم ماهيته وحقيقة تكوينه ومدى حجمه وعظمته . وقد وُكِّل بالنفخ فيه ملك عظيم وهو إسرافيل عليه السلام ؛ فإنه قد انتقم هذا القرن منذ خلق . ومازال ينتظر أن يأمره الله بالنفخ إيذانا بالموت والفناء . وهو قوله : { فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ } وهذه هي النفخة الأولى ، وهي نفخة الموت التي تسبق نفخة البعث . وقيل : هذه هي النفخة الثانية التي تأتي عقب نفخة الفزع . وكيفما تكن ، فإن هذه النفخة تموت فيها الأحياء كافة وتضطرب بها نواميس الحياة والكون كله ويتبدل كل شيء تبديلا .

قوله : { إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ } واختلفوا في المستثنين من الصعق عقب النفخ . فقيل : المراد بهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت . وقيل : المراد بهم الشهداء ؛ فهم أحياء عند ربهم يرزقون . وهم يومئذ لا يفزعون بل هم حول العرش آمنون ساكنون .

قوله : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } وتلك هي نفخة البعث والنشور والقيام من القبور . فإذا وقعت قام الأموات من أهل الأرض والسماء من قبورهم وأماكنهم أحياء كهيئتهم قبل مماتهم ينظرون أمر الله فيهم أو ينتظرون ما يفعله الله بهم .