التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (11)

{ لا يسخر قوم من قوم } نهي عن السخرية وهي الاستهزاء بالناس .

{ عسى أن يكونوا خيرا منهم } أي : لعل المسخور منه خير من الساخر عند الله وهذا تعليل للنهي .

{ ولا نساء من نساء } لما كان للقوم لا يقع إلا على الذكور عطف النساء عليهم .

{ ولا تلمزوا أنفسكم } أي : لا يطعن بعضكم على بعض واللمز العيب سواء كان بقول أو إشارة أو غير ذلك ، وسنذكر الفرق بينه وبين الهمز في سورة الهمزة وأنفسكم هنا بمنزلة قوله : { فسلموا على أنفسكم } [ النور : 61 ] .

{ ولا تنابزوا بالألقاب } أي : لا يدع أحد أحدا بلقب والتنابز بالألقاب التداعي بها وقد أجاز المحدثون أن يقال الأعمش والأعرج ونحوه إذا دعت إليه الضرورة ولم يقصد النقص والاستخفاف .

{ بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان } يريد بالاسم أن يسمى الإنسان فاسقا بعد أن سمي مؤمنا ، وفي ذلك ثلاثة أوجه :

أحدها : استقباح الجمع بين الفسق وبين الإيمان ، فمعنى ذلك أن من فعل شيئا من هذه الأشياء التي نهي عنها فهو فاسق وإن كان مؤمنا .

والآخر : بئس ما يقوله الرجل للآخر يا فاسق بعد إيمانه ، كقولهم لمن أسلم من اليهود يا يهودي . الثالث : أن يجعل من فسق غير مؤمن وهذا على مذهب المعتزلة .