{ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن } .
السخرية : الاستهزاء أو التنقيص ، أو الاستحقار والاستهانة ، وقد تكون بالمحاكاة بالفعل أو القول أو الإشارة أو الإيماء أو الضحك على كلام المسخور منه أو صنعته أو قبح صورته .
القوم : جماعة الرجال ، وقد يراد به الرجال والنساء تغليبا ، كما قيل في قوم فرعون وقوم عاد : إن المراد بهم الذكور والإناث .
{ عسى } : يراد بها الترجي ؛ وهي في نحو هذا التركيب من كل ما أسندت فيه إلى أن الفعل- قيل : تامة لا تحتاج إلى خبر ، وأن ما بعدها في محل رفع على الفاعلية ؛ وقيل : إنها ناقصة- لها اسم وخبر- وسد ما بعدها مسد الجزأين .
النساء : جمع المرأة من غير لفظها .
ينادي المولى سبحانه أهل الإيمان إلى الخُلُق العظيم ، ومنه أن لا يستخف رجل برجل أو امرأة بامرأة ، وأن لا يحقر رجال رجالا ، ولا نساء نساءً ، فلعل من استهزئ به خير ممّن نقّصوه وعابوه ، وربما تكون النسوة اللاتي يستهان بهم ويضحك منهن أكرم منزلة ممن يسخرن منهن .
[ وجيء بما يدل على الجمع في الموضوعين دون المفرد- كأن يقال : لا يسخر رجل من رجل ولا امرأة من امرأة ، مع أنه الأصل الأشمل الأعم- قيل : جريا على الأغلب من وقوع السخرية في مجامع الناس . . فجعل ذلك بمنزلة تعدد الساخر والمسخور منه ، وقيل : لأن النهي ورد على الحالة الواقعة بين الجماعة كقوله تعالى : { . . لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة . . }{[5182]} وعموم الحكم لعموم علته ]{[5183]} .
{ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان } .
ولا يعب بعضكم بعضا بقول أو إشارة ، فإنك إن احتقرت المسلم فكأنك حقرت نفسك ، ولا يعير بعضكم بعضا بالألقاب ، فتلك أفعال ذميمة قد تلحق فاعليها بالفاسقين بعد أن كانوا من المؤمنين .
[ وقال عكرمة عن ابن عباس : إن صفية بنت حيي بن أخطب أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ! إن النساء يعيرنني ، ويقلن لي : يا يهودية بنت يهوديين ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هلا قلت إن أبي هارون وإن عمي موسى وإن زوجي محمد ) . فأنزل الله هذه الآية ]{[5184]} .
{ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون( 11 ) } .
ومن أقام على الوقوع فيما نهى عنه- ومنه المنهيات السابقة- ولم يرجع إلى ما فيه مرضاة الناس مما شرعه رب الناس ، ولم يستغفر الله- جل علاه- مما اكتسب من الإثم ، فهو من الظالمين لأنفسهم بارتكاب تلك المعاصي .
[ { فأولئك هم الظالمون } بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب ؛ والإفراد أولا : { . . ومن لم يتب . . } والجمع ثانيا : مراعاة للفظ ، ومراعاة للمعنى ]{[5185]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.