تفسير الأعقم - الأعقم  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (11)

{ يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم } الآية ، قيل : نزلت في قوم من بني تميم استهزؤا ببلال وخباب وعمار وصهيب وأبي ذر ، وروي أنها نزلت في ثابت بن قيس وكان به وقرٌ ، وكانوا يوسعون له في مجلس رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليسمع فأتى يوماً وهو يقول : تفسحوا حتى أتى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال لرجل : تنح ، فلم يفعل فقال : من هذا ؟ فقال : أنا فلان ، فقال : أنت ابن فلانة يريد أمّاً كان يعير بها في الجاهلية فخجل الرجل فنزلت فقال ثابت : لا أفخر في الحسب على أحد بعدها ، وعن عبد الله بن مسعود : البلاء موكل بالقول لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلباً ، يعني لا يسخر أحد من أحد ، ورجال من رجال ، والسخرية أن يستخف به ويضحك عليه حتى يغمّه ، عسى أن يكونوا خيراً منهم عند الله ، وإن كان الساخر ذا مال وجاه { ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهنَّ } نزلت في صفية بنت حيي ، عن ابن عباس : " أن صفيَّة أتت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقالت : إن النساء يعيرنني ويقلن يا يهوديَّة بنت يهوديين ، فقال لها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " هلاَّ قلت إن أبي هارون وعمي موسى وان زوجي محمد " ، وقيل : نزلت في حفصة وعائشة سخرا بأم سلمة وذلك أنها ربطت شعرها بشيء فأسدلته خلفها فقالت عائشة : انظري ما تجر خلفها كأنه لسان كلب ، وقيل : أن عائشة كانت تسخر من زينب بنت خزيمة الهلاليَّة وكانت قصيرة { ولا تنابزوا بالألقاب } نزلت في الأنصار كانوا يتنابزون بالألقاب فنزلت الآية ، وقيل : نزلت في قوم كان لهم اسماً في الجاهلية فلما أسلموا نهوا أن يدعوا بها بعضهم بعضاً ، واللَّمز الطعن والضرب باللسان ، وقرئ تلمزوا بالضم ، والمعنى وخصّوا أيها المؤمنون أنفسكم بالانتهاء عن غيبتها والطعن فيها ولا عليكم أن تعيبوا غيركم ممن لا يدين بدينكم ولا يسير بسيرتكم ، وفي الحديث عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " اذكروا الفاجر بما فيه كي يحذره الناس " يعني لا يغتب بعضكم بعضاً ولا يطعن عليه بالألقاب قيل : هو كل اسم أو صفة يكره الرجل أن يدعا به ، وقيل : هو قول الرجل للرجل : يا فاسق ، يا منافق ، وقيل : كان اليهود والنصارى تسلم فيقال له بعد ذلك : يا يهودي ، يا نصراني ، فنهوا عن ذلك وقيل لهم : بئس الذكر أن يذكر الرجل الرجل بالفسق واليهوديَّة بعد إيمانه ، وقيل : أن يعمل إنسان شيئاً قبل التوبة فيعير بما سلف { بئس الإِسم الفسوق بعد الإِيمان } بئس الاسم فلا تفعلوا ذلك فتستحقوا اسم الفسوق ، وقيل : بئس الاسم الذي سميته بقولك : يا فاسق بعد أن علمت أنه مؤمن { ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } لأنفسهم ، وقيل : ظالم لأخيه بما قال فيه والله أعلم