لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (19)

التبسُّمُ من الملوكِ يندر لمراعاتهم حُكْمَ السياسة ، وذلك يدلُّ على رضاهم واستحسانهم لما منه يحصل التبسُّم ، فلقد استحسن سليمان من كبير النمل حُسْنَ سياسته لرعيته .

وفي القصة أنه استعرض جُنْدَه ليراهم كم هم ، فَعَرَضَهم عليه ، وكانوا يأتون فوجاً فوجاً ، حتى مضى شَهْرٌ وسليمان واقفٌ ينظر إليهم مُعْتَبِراً فلم ينتهوا ، ومَرَّ سليمانُ عليه السلام .

وفي القصة : أن عظيم النمل كان مثل البغل في عِظَمِ الجثة ، وله خرطوم . والله أعلم .

قوله جلّ ذكره : { رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضاهُ } .

في ذلك دليلٌ على أن نَظَرَه إليهم كان نَظَرَ اعتبارٍ ، وأنه رأى تعريفَ الله إِياه ذلك ، وتنبيهُه عليه من جملة نِعَمِه التي يجب عليها الشكرُ .

وفي قوله : { وَعَلَى والدي } دليلٌ على أَنَّ شُكْرَ الشاكر لله لا يختص بما أَنْعَمَ به عليه على الخصوص ، بل يجب على العبد أن يشكر الله على ما خَصَّ وَعَمَّ من نِعَمِه .

قوله جلّ ذكره : { وأدخلني بِرَحْمَتِكَ في عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ } .

سأل حُسْنَ العاقبة . لأنَّ الصالحَ من عباده مَنْ هو مختوم له بالسعادة .