{ فَتَبَسَّمَ ضاحكا مّن قَوْلِهَا } قرأ ابن السميفع : " ضحكا " ً وعلى قراءة الجمهور يكون { ضاحكاً } حالاً مؤكدة لأنه قد فهم الضحك من التبسم . وقيل هي حال مقدّرة لأن التبسم أوّل الضحك . وقيل لما كان التبسم قد يكون للغضب كان الضحك مبيناً له ، وقيل إن ضحك الأنبياء هو التبسم لا غير ، وعلى قراءة ابن السميفع يكون " ضحكاً " مصدراً منصوباً بفعل محذوف أو في موضع الحال ، وكان ضحك سليمان تعجباً من قولها وفهمها واهتدائها إلى تحذير النمل { وَقَالَ رَبّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ } قد تقدّم بيان معنى أوزعني قريباً في قوله : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } قال في الكشاف : وحقيقة أوزعني : اجعلني أزع شكر نعمك عندي وأكفه وأرتبطه لا ينفلت عني حتى لا أنفك شاكراً لك . انتهى .
قال الواحدي : { أوزعني } أي ألهمني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ ، يقال : فلان موزع بكذا : أي مولع به . انتهى . قال القرطبي : وأصله من وزع ، فكأنه قال : كفني عما يسخطك . انتهى . والمفعول الثاني لأوزعني هو : { أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ } وقال الزجاج : إن معنى { أوزعني } : امنعني أن أكفر نعمتك ، وهو تفسير باللازم ، ومعنى { وعلى وَالِدَيَّ } الدعاء منه بأن يوزعه الله شكر نعمته على والديه كما أوزعه شكر نعمته عليه ، فإن الإنعام عليهما إنعام عليه ، وذلك يستوجب الشكر منه لله سبحانه ، ثم طلب أن يضيف الله له لواحق نعمه إلى سوابقها ، ولاسيما النعم الدينية ، فقال : { وَأَنْ أَعْمَلَ صالحا ترضاه } أي عملاً صالحاً ترضاه مني ، ثم دعا أن يجعله الله سبحانه في الآخرة داخلاً في زمرة الصالحين فإن ذلك هو الغاية التي يتعلق الطلب بها ، فقال : { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين } ، والمعنى : أدخلني في جملتهم ، وأثبت اسمي في أسمائهم ، واحشرني في زمرتهم إلى دار الصالحين ، وهي الجنة .
اللهم وإني أدعوك بما دعاك به هذا النبيّ الكريم ، فتقبل ذلك مني ، وتفضل عليّ به ، فإني وإن كنت مقصراً في العمل ، ففضلك هو سبب الفوز بالخير ، فهذه الآية منادية بأعلى صوت ، وأوضح بيان بأن دخول الجنة التي هي دار المؤمنين بالتفضل منك لا بالعمل منهم كما قال رسولك الصادق المصدوق فيما ثبت عنه في الصحيح : «سدّدوا وقاربوا واعلموا أنه لن يدخل أحد الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلاّ أن يتغمدني الله برحمته » فإذا لم يكن إلاّ تفضلك الواسع ، فترك طلبه منك عجز ، والتفريط في التوسل إليك بالإيصال إليه تضييع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.