بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (19)

{ فَتَبَسَّمَ ضاحكا مّن قَوْلِهَا } كما يكون ضحك الأنبياء عليهم السلام وإنما ضحك من ثنائها على سليمان بعدله في ملكه ، يعني : أنه لو شعر بكم لم يحطمكم . ويقال : { فَتَبَسَّمَ ضاحكا } أي متعجباً . ويقال : فرحاً بما أنعم الله تعالى عليه ، صار ضاحكاً ، نصباً على الحال . { وَقَالَ رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ } يعني : ألهمني ، ويقال : أوزعني من الكف أيضاً ، كأنه قال : احفظ جوارحي لكيلا تشتغل بشيءٍ سوى شكر نعمتك عليَّ . { وعلى وَالِدَىَّ } يعني : النبوة والملك . { وَأَنْ أَعْمَلَ صالحا ترضاه } يعني : تقبله مني . وذكر أنه مر بزارع ، فقال ؟ الزارع : إنه ما أعطي مثل هذا الملك لأحد ؟ فقال له سليمان : ألا أنبئك بما هو أفضل من هذا ؟ القصد في الغنى والفقر ، وتقوى الله تعالى في السر والعلانية ، والقضاء بالعدل في الرضا والغضب .

ثم قال تعالى : { وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصالحين } يعني : أدخلني بنعمتك مع عبادك الصالحين ، يعني : المرسلين في جنتك . فوقف سليمان عليه السلام بموضعه ليدخل النمل مساكنهم ، ثم مضى .

قرأ يعقوب الحضرمي وأبو عمرو في إحدى الروايتين { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ } بسكون النون وقراءة العامة بنصب النون وتشديدها ، وهذه النون تدخل للتأكيد فيجوز التخفيف والتثقيل ، ولفظه لفظ النهي ، ومعناه جواب الأمر ، يعني : إن لم تدخلوا مساكنكم حطمكم .