الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَتَبَسَّمَ ضَاحِكٗا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِيٓ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِيٓ أَنۡعَمۡتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَٰلِدَيَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَٰلِحٗا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِي بِرَحۡمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (19)

قوله : { ضَاحِكاً } : قيل : هي حالٌ مؤكدةٌ ؛ لأنَّها مفهومةٌ مِنْ تَبَسَّمَ . وقيل : بل هي حالٌ مقدرةٌ فإنَّ التبسُّمَ ابتداءُ الضحكِ . وقيل : لَمَّا كان التبسُّمُ قد يكون للغَضَبِ ، ومنه : تَبَسَّم تَبَسُّمَ الغَضْبانِ ، أتى بضاحكاً مبيِّناً له . قال عنترة :

لمَّا رآني قد قَصَدْت أُرِيْدُه *** أبْدى نواجِذَه لِغَيْرِ تَبَسُّمِ

وتَبَسَّمَ تفعَّل ، بمعنى بَسَمَ المجرد . قال :

وتَبْسِمُ عن أَلْمَى كأن مُنَوَّراً *** تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٌ له نَدِي

وقال بعض المُوَلَّدين :

كأنَّما تَبْسِمُ عن لؤلؤٍ *** مُنَضَّدٍ أو بَرَدٍ أو أَقَاحِ

وقرأ ابن السمفيع " ضَحِكاً " مقصوراً . وفيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : أنه مصدرٌ مؤكِّدٌ لمعنى تَبَسَّم لأنه بمعناه . والثاني : أنه في موضعِ الحالِ فهو في المعنى كالذي قبله . الثالث : أنه اسمُ فاعل كفَرِح ؛ وذلك لأنَّ فِعْلَه على فَعِل بكسر العين وهو لازم فَهو كفَرحِ وبَطرِ .

قوله : { أَنْ أَشْكُرَ } مفعولٌ ثانٍ لأَوْزِعْني لأنَّ معناه أَلْهِمْني . وقيل : معناه اجْعَلني أَزَعُ شكرَ نعمتك أي : أكُفُّه وأمنعُه حتى لا ينفلتَ مني ، فلا أزال شاكراً . وتفسير الزَّجاج له ب " امْنَعْني أن أكفَر نعمتَك " من بابِ تفسيرِ المعنى باللازم .