لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَوَرِثَ سُلَيۡمَٰنُ دَاوُۥدَۖ وَقَالَ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمۡنَا مَنطِقَ ٱلطَّيۡرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيۡءٍۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

ورث أباه في النبوة ، وورثه في أن أقامه مقامه .

قوله : { عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ } : وكان ذلك معجزةً له ، أظهرها لقومه ليعلموا بها صِدْقَ إخباره عن نبوته . ومَنْ كان صاحبَ بصيرةٍ وحضور قلب بالله يشهد الأشياءَ كلّها بالله ومن الله . ويكون مُكَاشَفاً بها من حيث التفهيم ، فكأنه يسمع من كل شيءٍ تعريفاتٍ الحقِّ - سبحانه - للعبد مما لا نهاية له ، وذلك موجودٌ فيهم مَحْكِيٌّ عنهم . وكما أنَّ ضربَ الطّبْلِ مثلاً دليلٌ يُعْرَفُ - بالمواضعة - عند سماعه وقتُ الرحيلِ والنزولِ فالحقُّ - سبحانه - يخصُّ أهلَ الحضورِ بفنون التعريفاتِ ، من سماعِ الأصواتِ وشهودِ أحوال المرئيات في اختلافها ، كما قيل :

إذا المرءُ كانت له فِكرةٌ *** ففي كل شيءٍ له عِبْرَةً