قوله : «ضاحكاً » قيل : هي حال مؤكدة{[38582]} لأنها مفهومة من ( تبسم ) ، وقيل : بل هي حال مقدرة ، فإن التبسم ابتداء الضحك ، وقيل : لما كان التبسم قد يكون للغضب ، ومنه تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الغضبان ، أي تضاحكاً مسبباً له ، قال عنترة :
3942 - لَمَّا رَآنِي قَدْ قَصَدْتُ أُرِيدُهُ *** أَبْدَى نَوَاجِذَهُ لِغَيْرِ تَبَسُّمِ{[38583]}
وتبسَّم : تَفَعَّلَ بمعنى بَسَمَ المجرّد ، قال :
3943 - وَتَبْسِمُ عَنْ أَلْمَى كَأَنَّ مُنَوَّراً *** تَخَلَّلَ حُرَّ الرَّمْلِ دِعْصٌ لَهُ نَدِي{[38584]}
3944 - كَأَنَّمَا تَبْسِمُ عَنْ لُؤْلُؤٍ *** مُنَضَّدٍ أَوْ بَرَدِ أَوْ أَقَاح{[38585]}
وقرأ ابن السميفع : «ضحكاً » مقصوراً{[38586]} ، وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه مصدر مؤكد معنى تبسم ، لأنه بمعناه{[38587]} .
والثاني : أنه في موضع الحال ، فهو في المعنى كالذي قبله{[38588]} .
الثالث : أنه اسم فاعل كفرح ، وذلك لأن فعله على فَعِل بكسر العين ، وهو لازم ، فهو كفرح وبطِر{[38589]} . قوله : «أن أشكر » مفعول ثان ل «أوزعني » ، لأن معناه : ألهمني ، وقيل{[38590]} معناه : اجعلني أزع شكر نعمتك ، أي : أكفه وأمنعه حتى لا ينفلت مني ، فلا أزال شاكراً{[38591]} ، وتفسير الزجاج له بامنعني أن أكفر نعمتك{[38592]} من باب تفسير المعنى باللازم .
قال الزجاج أكثر ضحك الأنبياء التبسم{[38593]} ، وقوله : «ضاحكاً » أي : مبتسماً ، وقيل : كان أوله التبسم وآخره الضحك{[38594]} ، قال مقاتل : كان ضحك سليمان من قول النملة تعجباً ، لأن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجب وضحك{[38595]} ، وإنما ضحك لأمرين :
أحدهما : إعجابه بما دل من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وعلى شهرة حاله وحالهم في التقوى ، وهو قولها : «وهم لا يشعرون » .
والثاني : سروره بما آتاه الله ما له يؤت أحداً ، من سمعه كلام النملة وإحاطته بمعناه{[38596]} . ثم حمد سليمان ربه على ما أنعم عليه ، فقال : { رَبِّ أوزعني } ألهمني . { أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين } .
وهذا يدل على أن دخول الجنة برحمته وفضله ، لا باستحقاق العبد{[38597]} ، والمعنى : أدخلني في جملتهم ، وأثبت اسمي في أسمائهم واحشرني في زمرتهم ، قال ابن عباس : يريد مع إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن بعدهم من النبيين{[38598]} . فإن قيل : درجات الأنبياء أفضل من درجات الأولياء والصالحين ، فما السبب في أن الأنبياء يطلبون جعلهم من الصالحين ، فقال يوسف{[38599]} : { تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين } [ يوسف : 101 ] ، وقال سليمان : { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين } ؟ .
فالجواب : الصالح الكامل هو الذي لا يعصي الله ولا يهم بمعصية ، وهذه درجة عالية{[38600]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.