لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (101)

لا ينبغي لمن أشرقت في قلبه شموسُ العرفان أن يوقع الكفرُ عليه ظِلَّه ، فإنه إذا أقبل النهارُ من ها هنا أدبر الليل من ها هنا .

وقوله : { وَمَن يَعْتَصِم } الآية إنما يعتصم بالله مَنَّ وَجَدَ العصمة من الله ، فأمَّا مَنْ لم يَهْدِه الله فمتى يعتصم بالله ؟ فالهدايةُ منه في البداية توجِبُ اعتصامك في النهاية ، لا الاعتصام منك يوجب الهداية .

وحقيقةُ الاعتصام صدق اللُّجوء إليه ، ودوامُ الفرار إليه ، واستصحاب الاستغاثة إليه . ومَنْ كشف عن سِرِّه غطاء التفرقة تحقق بأنه لا لغير الله ذرة أو منه سينة ، فهذا الإنسان يعتصم به ممن يُعْتَصَمُ به ؛ قال سيد الأولين والآخرين صلوات الله عليه وعلى آله : { أَعُوذُ بِكَ مِنْ } .

ومَنْ اعتصم بنفسه دون أن يكون محواً عن حوله وقوته في اعتصامه - فالشِرْكُ وطنُه وليس يشعر .