فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (101)

( وكيف تكفرون وانتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) الاستفهام للإنكار والاستبعاد أي من أين يأتيكم ذلك ولديكم ما يمنع منه ، ويقطع أثره ، وهو تلاوة آيات الله عليكم أي القرآن الذي فيه بيان الحق والباطل ، وكون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي يبين الحق ويدفع الشبه بين أظهركم .

وقيل ( كيف ) كلمة تعجب وتوبيخ والمراد منه المنع والتغليظ ، قال قتادة في هذه الآية علمان بينان كتاب الله تعالى ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم ، فأما النبي صلى الله عليه وسلم فقد مضى ، وأما كتاب الله فقد أبقاه الله بين أظهركم رحمة منه ونعمة .

وقال الزجاج يجوز ان يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيهم وهم يشاهدونه ، ويجوز ان يكون الخطاب لجميع الأمة لأن آثاره وعلامته والقرآن الذي أوتيته فينا فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا وإن لم نشاهده أ- ه .

ثم أرشدهم إلى الاعتصام بالله ليحصل لهم بذلك الهداية إلى الصراط المستقيم الذي هو الإسلام فقال .

( ومن يعتصم بالله ) أي ممتنع بالله ويستمسك بدينه وطاعته ، وقيل بالقرآن ، وأصل العصمة الامتناع من الوقوع في آفة يقال اعتصم به واستعصم وتمسك واستمسك إذا امتنع به من غيره ، وعصمه الطعام منع الجوع منه ، وفيه حث لهم في الالتجاء إلى الله في دفع شر الكفار عنهم ( فقد هدي إلى صراط مستقيم ) أي طريق واضح وهو طريق الحق المؤدي إلى الجنة ، وفي وصف الصراط بالاستقامة رد على ما ادعوه من العوج .