فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (101)

والاستفهام في قوله : { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ } للإنكار ، أي : من أين يأتيكم ذلك ، ولديكم ما يمنع منه ويقطع أثره ، وهو : تلاوة آيات الله عليكم ، وكون رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم ؟ ومحل قوله : { وَأَنتُمْ } وما بعده النصب على الحال . ثم أرشدهم إلى الاعتصام بالله ليحصل لهم بذلك الهداية إلى الصراط المستقيم الذي : هو الإسلام ، وفي وصف الصراط بالاستقامة ردّ على ما ادَّعوه من العوج . قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيهم ، وهم يشاهدونه ، ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة ؛ لأن آثاره ، وعلامته ، والقرآن الذي أوتيه فينا ، فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ، وإن لم نشاهده . انتهى . ومعنى الاعتصام بالله التمسك بدينه ، وطاعته ، وقيل : بالقرآن ، يقال : اعتصم به ، واستعصم ، وتمسك ، واستمسك : إذا امتنع به من غيره ، وعصمه الطعام : منع الجوع منه .

/خ103