لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَكَيۡفَ تَكۡفُرُونَ وَأَنتُمۡ تُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمۡ رَسُولُهُۥۗ وَمَن يَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (101)

ثم قال تعالى : { وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله } وكلمة كيف كلمة تعجب والتعجب إنما يليق بمن لا يعلم السبب وذلك على الله محال ، فالمراد منه المنع والتغليظ وذلك لأن تلاوة آيات الله وهي القرآن حالاً بعد حال وكون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم يرشدكم إلى مصالحكم وذلك يمنع من وقوع الكفر فكان وقوع الكفر منهم بعيداً على هذا الوجه قال قتادة : في هذه الآية علمان بينان كتاب الله تعالى ونبي الله صلى الله عليه وسلم أما نبي الله فقد مضى ، وأما كتاب الله تعالى فقد أبقاه الله بين أظهركم رحمة منه ونعمة . ( م ) عن زيد بن أرقم قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه ووعظ الناس وذكر ، ثم قال : " أما بعد ألا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ، وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي " وقوله تعالى : { ومن يعتصم بالله } أي يمتنع بالله ويستمسك بدينه وطاعته وأصل العصمة الامتناع من الوقوع في آفة ، وفيه حث لهم في الالتجاء إلى الله تعالى في دفع شر الكفار عنهم { فقد هدي إلى صراط مستقيم } أي إلى طريق واضح وهو طريق الحق المؤدي إلى الجنة .