ثم قال : { ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم } والمقصود : إنه لما ذكر الوعيد أردفه بهذا الوعد ، والمعنى : ومن يتمسك بدين الله ، ويجوز أن يكون حثا لهم على الالتجاء إليه في دفع شرور الكفار والاعتصام في اللغة الاستمساك بالشيء وأصله من العصمة ، والعصمة المنع في كلام العرب ، والعاصم المانع ، واعتصم فلان بالشيء إذا تمسك بالشيء في منع نفسه من الوقوع في آفة ، ومنه قوله تعالى : { ولقد راودته عن نفسه فاستعصم } [ يوسف : 32 ] قال قتادة : ذكر في الآية أمرين يمنعان عن الوقوع في الكفر أحدهما : تلاوة كتاب الله والثاني : كون الرسول فيهم ، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد مضى إلى رحمة الله ، وأما الكتاب فباق على وجه الدهر .
وأما قوله { فقد هدى إلى صراط مستقيم } فقد احتج به أصحابنا على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى ، قالوا : لأنه جعل اعتصامهم هداية من الله ، فلما جعل ذلك الاعتصام فعلا لهم وهداية من الله ثبت ما قلناه ، أما المعتزلة فقد ذكروا فيه وجوها الأول : أن المراد بهذه الهداية الزيادة في الألطاف المرتبة على أداء الطاعات كما قال تعالى : { يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام } [ المائدة : 16 ] وهذا اختاره القفال رحمه الله والثاني : أن التقدير من يعتصم بالله فنعم ما فعل فإنه إنما هدي إلى الصراط المستقيم ليفعل ذلك الثالث : أن من يعتصم بالله فقد هدي إلى طريق الجنة والرابع : قال صاحب «الكشاف » { فقد هدى } أي فقد حصل له الهدى لا محالة ، كما تقول : إذا جئت فلانا فقد أفلحت ، كأن الهدى قد حصل فهو يخبر عنه حاصلا وذلك لأن المعتصم بالله متوقع للهدى كما أن قاصد الكريم متوقع للفلاح عنده .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.