قاله تعالى على جهة التعجب{[3288]} ، أي " وكيف تكفرون وأنت تتلى عليكم آيات الله " يعني القرآن . " وفيكم رسوله " محمد صلى الله عليه وسلم . قال ابن عباس : كان بين الأوس والخزرج قتال وشر في الجاهلية ، فذكروا ما كان بينهم فثار بعضهم على بعض بالسيوف ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فذهب إليهم ، فنزلت هذه الآية " وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله - إلى قوله تعالى : فأنقذكم منها " ويدخل في هذه الآية من لم ير النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ما فيهم من سنته يقوم مقام رؤيته . قال الزجاج : يجوز أن يكون هذا الخطاب لأصحاب محمد خاصة ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيهم وهم يشاهدونه . ويجوز أن يكون هذا الخطاب لجميع الأمة ؛ لأن آثاره وعلاماته والقرآن الذي أوتى فينا مكان النبي صلى الله عليه وسلم فينا وإن لم نشاهده . وقال قتادة : في هذه الآية علمان بينان : كتاب الله ونبي الله ، فأما نبي الله فقد مضى ، وأما كتاب الله فقد أبقاه بين أظهرهم رحمة منه ونعمة ، فيه حلاله وحرامه ، وطاعته ومعصيته . " وكيف " في موضع نصب ، وفتحت الفاء عند الخليل وسيبويه لالتقاء الساكنين ، واختير لها الفتح لأن ما قبل الفاء ياء فثقل أن يجمعوا بين ياء وكسرة . قوله تعالى : " ومن يعتصم بالله " أي يمتنع ويتمسك بدينه وطاعته . " فقد هدي " وفق وأرشد " إلى صراط مستقيم " ابن جريج " يعتصم بالله " يؤمن به . وقيل : المعنى ومن يعتصم بالله أي يتمسك بحبل الله ، وهو القرآن . يقال : أعصم به واعتصم ، وتمسك واستمسك إذا امتنع به من غيره . واعتصمت فلانا هيأت له ما يعتصم به . وكل متمسك بشيء معصم ومعتصم . وكل مانع شيئا فهو عاصم ، قال الفرزدق :
أنا ابن العاصمينَ بني تميم *** إذا ما أعظَمُ الحَدَثَان نَابَا
يظل من خوفه الملاّح معتصما *** بالخيزرانة بعد الأيْن والنَّجَدِ{[3289]}
وقال آخر{[3290]} :
فأشرطَ فيها نفسه وهو مُعصِمٌ *** وألقى بأسباب له وتوكّلا
وعصمه الطعام : منع الجوع منه ، تقول العرب : عصم فلانا{[3291]} الطعام أي منعه من الجوع ، فكنوا السويق بأبي عاصم لذلك . قال أحمد بن يحيى : العرب تسمي الخبز عاصما وجابرا ، وأنشد :
فلا تلوميني ولومي جابراً *** فجابرٌ كلفني الهواجرا
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.