لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا} (145)

دلَّت الآية على أنَّ المنافق ليس بمُسْتأمنٍ لأنَّ الإيمان ما يوجب الأمان ، فالمؤمن يتخلَّص بإيمانه من النار ، فما يكون سبب وقوعه في الدرك الأسفل من النار لا يكون إيماناً ، ويقال هذا تحقيق قوله :{ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ }

[ آل عمران : 54 ، والأنفال : 30 ] أي مَكْرُه فوق كل مَكْرٍ . لمَّا أظهر المنافق ما هو مكر مع المؤمنين كانت عقوبتهم أشد من عقوبة من جاهر بكفره .

ويقال نقلهم في آجلهم إلى أشد ما هم عليه في عاجلهم ، لِمَا في الخبر : " من كان بحالةٍ لقي الله بها " فالمنافق - اليومَ - في الدرك - الأسفل من الحجر - فكذلك ينقلون إلى الدرك الأسفل من النار . والدرك الأسفل من الحجر - اليوم - لهم ما عليهم من اسم الإيمان وليس لهم من الله شظية وهذا هو البلاء الأكبر .

ويقال استوجبوا الدرك الأسفل من النار لأنهم صحبوا اليوم اسم الله الأعظم لا على طريقة الحرمة . ويقال استوجبوا ذلك لأنهم أساءوا الأدب في حال حضورهم بألسنتهم ، وسوءُ الأدبِ يوجِبُ الطردَ