الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ فِي ٱلدَّرۡكِ ٱلۡأَسۡفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمۡ نَصِيرًا} (145)

قوله : ( اِنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرَكِ الاَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ) الآية [ 145-146 ] .

معنى الدرك الأسفل : القعر الأسفل( {[13895]} ) .

والنار أدراك( {[13896]} ) سبعة ، فهم في القعر السابع ، نعوذ بالله منها .

والدَرْك والدَرَك لغتان بمعنى( {[13897]} ) .

والفتح : الاختبار عند بعض العلماء( {[13898]} ) لقولهم : أدراك كجمل وأجمال وجمعه في الكثير : الدروك .

ومن أسكن الراء جمعه في القليل على أدرك ، والكثير الدروك ، وقال عاصم : " لو كانت الدروك بالفتح لقيل السفلى( {[13899]} ) " ذهب إلى أن الفتح إنما هو على أنه جمع دركة ودرك ، كبقرة وبقر .

وطبقات النار سفل سفل ، يقال لها أدراك .

ومنازل الجنة يقال لها درجات وهو علو علو .

وقوله : ( وَسَوْفَ يُوتِ اللَّهُ ) كتب بغير ياء على لفظ الوصل( {[13900]} ) .

والوقف عند سائر القراء على ما في السواد( {[13901]} ) .

ومذهب النحويين في هذا : الوقف على الياء .

ومعنى الآية : أن الله تعالى أعلمنا أن المنافقين في الطبق الأسفل من النار ، وأنهم لا ناصر لهم ينقذهم منها .

والعرب تقول لكل ما تسافل درك ، ولكل ما تعالى درج . وقال ابن مسعود : إن المنافقين في توابيت من حديد مغلقة عليهم في النار .

وقال أبو هريرة : ( فِي الدَّرَكِ الاَسْفَلِ ) في توابيت ترتج عليهم .

وقال ابن عباس : في أسفل النار( {[13902]} ) .


[13895]:- الدرك كالدرج لكن الدرج يقال اعتباراً بالصعود، والدرك اعتباراً بالهبوط، ولهذا قيل درجات الجنة، ودركات النار، والدرك الأسفل من النار، أي: أقصى قعرها. انظر: المفردات: 170 واللسان درك 10/422.
[13896]:- (د): أدرك.
[13897]:- وهما قراءتان: (أ) الدَرَك بفت الراء قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر. (ب) والدرْك بسكون الراء قراءة حمزة وعاصم والكسائي والكوفيين. انظر: السبعة: 239، وحجة القراءات 218. والكشف 1/401، والعنوان: 86.
[13898]:- يشير مكي إلى النحاس الذي نقل عنه هذا الرأي، إعراب النحاس 1/464.
[13899]:- انظر: الكشف 1/401.
[13900]:- لعله يقصد التقاء الساكنين فقد حذفت ياء في "يوت" لأنها حرف علة وحذفها لأجل التخفيف.
[13901]:- كتبت –يوت- في المصحف بغير ياء، إذ لما حذفت في اللفظ للاتقاء الساكنين حذفت في الخط، ووقف السبعة بغير ياء اتباعاً لرسم المصحف، وقد روي الوقف بالياء عن حمزة والكسائي، ويعقوب، وقال أبو عمرو: ينبغي ألا يوقف عليها، لأنه إن وقف بغير ياء خلاف النحويين، وإن وقف بياء خالف خط المصحف. انظر: البحر 3/381. والمراد بالوقف هنا هو إظهار الصوت بالمد على التاء بما يشعر بوجود الياء.
[13902]:- انظر: جامع البيان 5/338.