ثم قال تعالى : { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار }
المسألة الأولى : قال الليث : الدرك أقصى قعر الشيء كالبحر ونحوه ، فعلى هذا المراد بالدرك الأسفل أقصى قعر جهنم ، وأصل هذا من الإدراك بمعنى اللحوق ، ومنه إدراك الطعام وإدراك الغلام ، فالدرك ما يلحق به من الطبقة ، وظاهره أن جهنم طبقات ، والظاهر أن أشدها أسفلها . قال الضحاك : الدرج إذا كان بعضها فوق بعض ، والدرك إذا كان بعضها أسفل من بعض .
المسألة الثانية : قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم { في الدرك } بسكون الراء والباقون بفتحها ، قال الزجاج : هما لغتان مثل الشمع والشمع ، إلا أن الاختيار فتح الراء لأنه أكثر استعمالا قال أبو حاتم : جمع الدرك أدراك كقولهم : جمل وأجمال ، وفرس وأفرس ، وجمع الدرك أدرك مثل فلس وأفلس وكلب وأكلب .
المسألة الثالثة : قال ابن الأنباري : إنه تعالى قال في صفة المنافقين إنهم في الدرك الأسفل ، وقال في آل فرعون { ادخلوا آل فرعون أشد العذاب } فأيهما أشد عذابا ، المنافقون أم آل فرعون ؟ وأجاب بأنه يحتمل أن أشد العذاب إنما يكون في الدرك الأسفل ، وقد اجتمع فيه الفريقان .
المسألة الرابعة : لما كان المنافق أشد عذابا من الكافر لأنه مثله في الكفر ، وضم إليه نوع آخر من الكفر ، وهو الاستهزاء بالإسلام وبأهله ، وبسبب أنهم لما كانوا يظهرون الإسلام يمكنهم الإطلاع على أسرار المسلمين ثم يخبرون الكفار بذلك فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين ، فلهذه الأسباب جعل الله عذابهم أزيد من عذاب الكفار .
ثم قال تعالى : { ولن تجد لهم نصيرا } وهذا تهديد لهم . واحتج أصحابنا بهذا على إثبات الشفاعة في حق الفساق من أهل الصلاة ، قالوا : إنه تعالى خص المنافقين بهذا التهديد ، ولو كان ذلك حاصلا في حق غير المنافقين لم يكن ذلك زجرا عن النفاق من حيث أنه نفاق ، وليس هذا استدلالا بدليل الخطاب ، بل وجه الاستدلال فيه أنه تعالى ذكره في معرض الزجر عن النفاق ، فلو حصل ذلك مع عدمه لم يبق زجرا عنه من حيث إنه نفاق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.