وقوله : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) الدرك بسكون الراء ، وقيل بفتحها وجمعها أدراك ودركات ، وهي الطبقات أو المنازل ، واستعمال العرب للدرك فيما نزل أو تسافل هابطا ، وعكس ذلك الدرج وهو مستعمل فيما تعالى صعدا . وفي استنباط أهل العلم أن النار سبعة دركات أهونها وأعلاها جهنم وأحطها وأشدها الهاوية . والدركات السبعة هي : جهنم ، لظى ، الحطمة ، السعير ، سقر ، الجحيم ، الهاوية .
والمنافقون أسوأ حالا ومآلا من الكفار ، وذلك بالنظر لشدة إفسادهم ولما يؤول إليه خبثهم وسلوكهم المشين من مخاطر تأتي على الإسلام فتهزه من الأعماق هزا ، وتأتي على المسلمين فتذيقهم ألوانا من المكائد والدسائس فيما يعود عليهم بالهزيمة والتدمير إلا أن يحوط الله المؤمنين برعايته وعنايته ، والمنافقون صنف من الخليقة الحقيرة التي تتزين بالمظهر الخادع الحسن ، وتتكلف من حيث الأسلوب والعبارة ما ينطلي على كثير من المخاليق ؛ وذلك لفرط البهاء المصطنع الذي يجلل وجوه هؤلاء المنافقين وهم يخادعون الناس في مكر وخسة من خلال مظهر كاذب مصطنع يخفي وراءه نوايا الحقد والإجرام .
وكم يهون الأمر لو كان العدو مستبينا مكشوفا . فإننا إذ ذاك نمسك بالحذر والحيطة لنكون متنبهين يقظين حتى إذا بادرنا هذا العدو المكشوف بالعدوان دفعناه في صولة جادة محسوبة بعد أن نكون قد أخذنا الحساب لذلك كله . لكن العدو الذي يتظاهر بالإسلام ويصطنع مع المسلمين أعمال العبادة وهو يخفي في نفسه الحقد والكراهية ويتمنى في دخيلته أن تدور على الإسلام والمسلمين الدوائر ، فذلكم يحذر منه القرآن بين حين وآخر أشد تحذير .
هذا الصنف الوضيع من الناس قد أعد الله لهم العذاب بما قارفوه من خديعة وتآمر . لقد أعد لهم أن يكونوا في الطبقات السفلى من النار وهي الدركات . وقد روي عن عبد الله بن مسعود في معنى الدركات أنها توابيت من حديد مقفلة وهي في أسفل النار . وكل ذلك يدل على فظاعة النفاق وأنه طريق إلى النار ، بل إلى أسوء الدركات في النار .
وقوله : ( ولن تجد لهم نصيرا ) إذا هوى المنافقون في الدركات من النار وتقاحموا هناك كما تتقاحم القردة والثيران وعانوا في العذاب أشد المعاناة ، فإنه ليس هنالك من ينقذهم أو يستجيب لعويلهم . ولن يكون لهم إذ ذاك نصير ولا مجير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.