في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

16

ولا يجزي أحد إلا بما هو مسجل . ولا يظلم أحد ، فالمجازي هو الحكم العدل .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

{ مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ } الخ ويكون { بالوعيد } [ ق : 28 ] متعلقاً بمحذوف هو حال من المفعول قدم عليه أو الفاعل أي وقد قدمت إليكم هذا القول ملتبساً بالوعيد مقترناً به أو قدمته إليكم موعداً لكم فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي ، والأظهر استئناف هذه الجملة . وفي { لَدَىَّ } على ما قال الإمام وجهان . الأول : أن يكون متعلقاً بالقول أي ما يبدل القول الذي عندي .

الثاني : أن يكون متعلقاً بالفعل قبل أي لا يقع التبديل عندي ، قال : وعلى الأول في القول الذي لديه تعالى وجوه . أحدها : قوله تعالى : { أَلْقِيَا } [ ق : 24 ] أرادوا باعتذارهم أن يبدل ويقول سبحانه : لا تلقيا فرد عليهم .

/ ثانياً : قوله سبحانه لإبليس : { لأملان } الخ . ثالثها : الإيعاد مطلقاً . رابعها : القول السابق يوم خلق العباد هذا سعيد وهذا شقي . وعلى الثاني في معنى الآية وجوه أيضاً . أحدها : لا يكذب لدى فإني عالم علمت من طغى ومن أطغى فلا يفيد قولكم أطغاني شيطاني وقول الشيطان : { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } [ ق : 27 ] ثانيها : لو أردتم أن لا أقول : { فألقياه } [ ق : 26 ] كنتم أبدلتم الكفر بالايمان قبل أن تقفوا بين يدي وأما الآن فما يبدل القول لدى . ثالثها : لا يبدل القول الكفر الإيمان لدى فإن الايمان عند اليأس غير مقبول فقولكم : ربنا وإلهنا لا يفيدكم فمن تكلم بكلمة الكفر لا يفيده قوله : ربنا ما أشركنا وقوله : ربنا آمنا . والمشهور أن { لَدَىَّ } متعلق بالفعل على أنا المراد بالقول ما يشمل الوعد والوعيد .

واستدل به بعض من قال بعدم جواز تخلفهما مطلقاً . وأجاب من قال بجواز العفو عن بعض المذنبين بأن ذلك العفو ليس بتبديل فإن دلائل العفو تدل على تخصيص الوعي ، د وقال بعض المحققين : المراد نفي أن يوقع أحد التبديل لديه تعالى أي في علمه سبحانه أو يبدل القول الذي علمه عز وجل ، فإن ما عنده تبارك وتعالى هو ما في نفس الأمر وهو لا يقبل التبديل أصلاً ، وأكثر الوعيدات معلقة بشرط المشيئة على ما يقتضيه الكرم وإن لم يذكر على ما يقتضيه الترهيب ، فمتى حصل العفو لعدم مشيئة التعذيب لم يكن هناك تبديل ما في نفس الأمر فتدبره فإنه دقيق . { وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ } وارد لتحقيق الحق على أبلغ وجه ، وفيه إشارة إلى أن تعذيب من يعذب من العبيد إنما هو عن استحقاق في نفس الأمر ، وقد تقدم تمام الكلام في هذه الجملة فتذكر .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ } أي : لا يمكن أن يخلف ما قاله الله وأخبر به ، لأنه لا أصدق من الله قيلاً ، ولا أصدق حديثًا .

{ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } بل أجزيهم بما عملوا من خير وشر ، فلا يزاد{[834]}  في سيئاتهم ، ولا ينقص من حسناتهم .


[834]:- كذا في ب، وفي أ: يزيد.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

قوله تعالى : { ما يبدل القول لدي } لا تبديل لقولي ، وهو قوله : { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين }( السجدة-13 ) ، وقال قوم : معنى ( ما يبدل القول لدي ) أي : لا يكذب القول عندي ، ولا يغير القول عن وجهه لأني أعلم الغيب . وهذا قول الكلبي ، واختيار الفراء ، لأنه قال : ما يبدل لدي ولم يقل ما يبدل القول لي . { وما أنا بظلام للعبيد } فأعاقبهم بغير جرم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

قوله : { ما يبدل القول لدي } أي لا تبديل لقولي { لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين } .

قوله : { وما أنا بظلام للعبيد } أي لا أعذب أحدا بغير ذنب ، أو لا أعذب أحدا بجرم غيره بل بما اكتسب من الإثم{[4321]} .

ثم يتوعد الله الظالمين بعذاب جهنم . وهي نار الله الحامية المتسعرة التي تزداد على مر الزمان لهيبا واضطراما ، والتي لا تفتأ تلح في الطلب أن يلقى فيها وقودها من البشر فتقول { هل من مزيد } ثم يبشر الله المؤمنين المتقين بالجنة ليخلدوا فيها آمنين منعمين مطمئنين . وذلك كله في الآيات التالية وهي :


[4321]:تفسير الرازي جـ 28 ص 164 وتفسير القرطبي جـ 17 ص 14، 15 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 224.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَا يُبَدَّلُ ٱلۡقَوۡلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَا۠ بِظَلَّـٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ} (29)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ما يبدل القول لدي} يعني عندي الذي قلت لكم في الدنيا من الوعيد قد قضيت ما أنا قاض {وما أنا بظلام للعبيد} يقول: لم أعذب على غير ذنب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله للمشركين وقرنائهم من الجنّ يوم القيامة، إذ تبرأ بعضهم من بعض: ما يغير القول الذي قلته لكم في الدنيا، وهو قوله" لأَمْلأَنّ جَهَنّمَ مِنَ الجِنّةِ وَالنّاسِ أجمَعِينَ"، ولا قضائي الذي قضيته فيهم فيها... وقوله: "وَما أنا بِظَلاّمٍ للْعَبِيدِ "يقول: ولا أنا بمعاقب أحدا من خلقي بجرم غيره، ولا حامل على أحد منهم ذنب غيره فمعذّبه به.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

هذا يحتمل وجوها:

أحدها: ما يبدّل ما استحق كل واحد منكم من العذاب والثواب ما سبق مني من الوعد والوعيد في الدنيا بأن أجعل جزاء الكافر الجنة وجزاء المؤمن النار؛ إذ قد سبق مني وعدي ووعيدي بأن أجعل الجنة مثوى المؤمنين والنار مثوى الكافرين، فلا يبدّل ذلك الوعد والوعيد.

والثاني: {ما يبدّل القول لديّ} يحتمل أنه أراد به قوله: {لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين} [هود: ‍‍119 والسجدة: 13].

والثالث: أي لا يبدّل اليوم ما يستوجب به الجنة والخلود فيها، وهو الإيمان عن غيب كما أخبر تعالى، عز وجل {من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب} [ق: 33] فأما الإيمان بعد العِيان فلا ينفع كما أخبر عز وجل {فلم يكُ ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} الآية [غافر: 85]. وقوله تعالى: {وما أنا بظلاّم للعبيد} أي في العقل والحكمة تعذيب من أتى بالكفر والشرك، فيكون ترك تعذيبه سفها.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ} فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب...

فإن قلت: كيف قال: {بظلام} على لفظ المبالغة؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن يكون من قولك: هو ظالم لعبده، وظلام لعبيده. والثاني: أن يراد لو عذبت من لا يستحق العذاب لكنت ظلاماً مفرط الظلم، فنفى ذلك...

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

{وَمَا أَنَا بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ} أي: لست أعذب أحدا بذنب أحد، ولكن لا أعذب أحدًا إلا بذنبه، بعد قيام الحجة عليه...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كانت الأوقات كلها عنده سبحانه حاضرة، عبر سبحانه في تعليل ذلك ب "ما " التي للحاضر دون " لا " التي للمستقبل فقال: {ما يبدل} أي يغير من مغير ما كان من- كان بوجه من الوجوه بحيث يجعل له بدل فيكون فيه خلف {القول لدي} أي الواصل إليكم من حضرتي التي لا يحاط بأمر غرابتها بأن من أشرك بي لا أغفر له وأغفر ما دون ذلك لمن أشاء، والعفو عن بعض المذنبين ليس تبديلاً لأن دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد، وأنه مشروط بشرائط {وما أنا} وأكد النفي فقال: {بظلام} أي بذي ظلم {للعبيد} لا القرين ولا من أطغاه ولا غيرهم، فأعذب من لا يستحق أو أعفو عمن قلت: إني لا أغفر له وأمرت جندي فعادوه فيّ، ولو عفوت عنه كنت مع تبديل القول قد سؤتهم بإكرام من عادوه فيّ ليس إلا.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أي لست مبطلاً ذلك الوعيد، وهو القول، إذ الوعيد من نوع القول، والتعريف للعهد، أي فما أوعدتكم واقع لا محالة لأن الله تعهد أن لا يغفر لمن يشرك به ويموت على ذلك. والمعنى الثاني المكنَّى عنه بُين بجملة {وما أنا بظلام للعبيد}، أي فلذلك قدمت إليكم الوعيد.

والمبالغة التي في وصف {ظلاّم} راجعة إلى تأكيد النفي.

والمراد: لا أظلم شيئاً من الظلم، وليس المعنى: ما أنا بشديد الظلم كما قد يستفاد من توجُّه النفي إلى المقيّد يفيد أن يتوجه إلى القيد لأن ذلك أغلبي. والأكثر في نفي أمثلة المبالغة أن يقصد بالمبالغة مبالغة النفي...